للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القاضي أبو الفرج: ففي هذا الخبر من الحكمة وجزيل الفائدة ما ينتفع به من راعاه، وحفظه ووعاه، وعمل به وأدَّب نفسه بالعمل عليه، وهذَّبها بالرجوع إليه، وتتوفر فائدتُه بالوقوف عنده. وفيما رواه أمير المؤمنين في أضعافه عن النبي ما لا غِنىً لكل لبيب عليم عن حفظه وتأمُّله، والمسعودُ من هُدي لتلقِّيه، والمجدود (١) من وُفِّق لامتثاله وتقبّله (٢).

قلت: ولكن إسناد هذا الأثر وما فيه من الحديث المرفوع ضعيف، ومثل هذه الألفاظ في عبارتها ما يدلُّ ما في بعضها من النَّكارة على أنه ليس بمحفوظ، والله أعلم.

وقد ذكر الأصمعي والعتبي والمدائني وغيرهم: أنَّ معاوية سأل الحسن بن علي عن أشياء تُشبه هذا، فأجابه بنحو ما تقدَّم لكن هذا السِّياق أطول بكثير، فالله أعلم.

وقال علي بن العباس الطبراني: كان على خاتم الحسن بن علي مكتوبًا (٣):

قَدِّمْ لنفسِكَ ما استطعتَ من التُّقى … إنَّ المنيَّة نازل (٤) بكَ يا فَتَى

أصبحتَ ذا فَرَحٍ كأنَّكَ لا ترى … أحبابَ قلبِكَ في المقابر والبِلَى

وقال الإمام أحمد: حدّثنا مطَّلب بن زياد أبو محمد، حدّثنا محمد بن أَبَان قال: قال الحسنُ بن علي لبنيه وبني أخيه (٥): "تعلَّموا، فإنكم صغارُ قومٍ اليوم، كبارُهم غدًا، فمن لم يحفظ منكم فليكتب".

رواه البيهقي، عن الحاكم [عن الأصم] (٦) عن عبد الله بن أحمد عن أبيه. [وفي رواية: "إنكم إنْ تكونوا صِغَارَ قوم، فعسى أن تكونوا كبارَ قومٍ آخرين"] (٧).

وقال محمد بن سعد: حدّثنا الحسن بن موسى وأحمد بن يونس قالا: حدّثنا زهير بن معاوية، حدّثنا أبو إسحاق، عن عمرو بن الأصم قال: قلت للحسن بن علي: إن هذه الشِّيعة تزعم أن عليًا مبعوث [قبل يوم القيامة، قال: كذبوا والله، ما هؤلاء بالشِّيعة، لو علمنا أَنَّه مبعوث] (٨) ما زوَّجنا نساءَه، ولا اقتسمنا مالَه.


(١) "المجدود": المحظوظ.
(٢) الخبر بطوله في حلية الأولياء (٢/ ٣٥ - ٣٦) ومختصر تاريخ دمشق (٧/ ٣٠ - ٣٢) وتهذيب الكمال (٦/ ٢٣٨ - ٢٤٠). وسيحكم عليه المؤلف فيما يلي.
(٣) الأبيات في تاريخ دمشق (١٣/ ٢٦٠).
(٤) في ط: نازلة، ولا يستقيم بها الوزن.
(٥) قوله: وبني أخيه كذا ورد في ط، ومثله في مختصر تاريخ دمشق (٧/ ٣٧) وتهذيب الكمال (٦/ ٢٤٢) ووقع في (أ) وب: ومن أحبه.
(٦) سقط من ط.
(٧) ما بين حاصرتين من (أ) فقط.
(٨) سقط من (أ). والخبر في تهذيب الكمال (٦/ ٢٤٢) وسير أعلام النبلاء (٣/ ٢٦٣).