للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن سعد (١): أخبرنا علي بن محمد، عن إبراهيم بن محمد، عن زيد بن أَسْلم قال: دخل رجل على الحسن بن علي وهو بالمدينة وفي يده صحيفةٌ، فقال: ما هذه الصحيفة؟ فقال: من (٢) معاوية يَعِدُ فيها ويتوعَّد، فقال الرجل: قد كنتَ على النّصف منه؟ قال: أجل، ولكن خشِيتُ أن يجيء يومَ القيامة سبعون ألفًا أو ثمانون ألفًا أو أكثر أو أقل كلُّهم تَنْضَح أَوْداجُهم (٣) دمًا، كلُّهم يَستعدي اللهَ فيمَ هُريق دمُه (٤)؟.

وقال الأصمعي: عن سلّام بن مِسْكين، عن عمران بن عبد الله قال: رأى الحسنُ بن علي في منامه أنه مكتوب بين عينيه ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ففرح بذلك، فبلغ ذلك سعيد بن المسيِّب فقال: إنْ كان رأى هذه الرؤيا فقلَّ ما بقي من أجَلِه. قال: فلم يلبث الحسن بن علي بعد ذلك إلّا أيامًا حتى مات (٥).

وقال أبو بكر بن أبي الدُّنيا: حدّثنا عبد الرحمن بن صالح العَتَكي ومحمد بن عثمان العِجْلي قالا: حدّثنا أبو أسامة، عن ابن عَوْن، عن عُمير بن إسحاق قال: دخلتُ أنا ورجل آخر من قريش على الحسن بن علي، فقام فدخل المَخْرَج ثم خرج فقال: لقد لفظتُ طائفة من كبدي أقلِّبها بهذا العود، ولقد سُقِيتُ السُّم مرارًا وما سُقيت مرة أشدَّ من هذه. قال: وجعل يقول لذلك الرجل: سَلْني قبل ألَّا تسألني، فقال: ما أسألك شيئًا، يعافيك الله. قال: فخرجنا من عنده، ثم عدنا إليه من الغد وقد أخذ في السَّوْق (٦)، فجاء حسين حتى قعد عند رأسه فقال: أي أخي! مَنْ صاحبك؟ قال: تريد قتلَه؟ قال: نعم، قال: لئن كان صاحبي الذي أظنُّ للهُ أشدُّ نقمة وعقوبة - وفي رواية: للهُ أشدُّ بأسًا وأشدُّ تنكيلًا - وإن لم يكن هو ما أحبُّ أن تَقتل بي بريئًا (٧).

ورواه محمد بن سعد (٨)، عن ابن عُلَيَّة، عن ابن عَوْن.

وقال محمد بن عمر الواقدي (٩): حدثني عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المِسْور قالت: كان الحسن قد سُقي السُّم مرارًا كل ذلك يُفلِت منه، حتى كانت المرة الأخيرة التي مات فيها، فإنه كان يختلف كبده، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النَّوح شهرًا (١٠).


(١) طبقاته الكبرى (١/ ٣٣٢).
(٢) في ط: ابن، وهو خطأ.
(٣) "الأوداج": جمع وَدَج، وهو عرق في العنق.
(٤) تهذيب الكمال (٦/ ٢٥٠ - ٢٥١).
(٥) تهذيب الكمال (٦/ ٢٥١).
(٦) "السَّوق والسِّياق": النزع عند الموت.
(٧) حلية الأولياء (٢/ ٣٨) ومختصر تاريخ دمشق (٧/ ٣٨ - ٣٩) وتهذيب الكمال (٦/ ٢٥١ - ٢٥٢).
(٨) طبقاته الكبرى (١/ ٣٣٥ - ٣٣٦).
(٩) الطبقات الكبرى (١/ ٣٣٩).
(١٠) تهذيب الكمال (٦/ ٢٥٢).