للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأبى مروان أن يدعه - ومروان يومئذ معزولٌ، وإنما أراد أن يرضي معاوية بذلك - ولم يزل مروان عدوًّا لبني هاشم حتى مات. قال جابر: فكلَّمت يومئذ حسين بن علي فقلت: يا أبا عبد الله! اتَّقِ الله فإنَّ أخاك كان لا يحبُّ ما ترى، فادفنه بالبقيع مع أمِّه، ففعل.

ثم روى الواقدي: حدّثني عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن [ابن] (١) عمر قال: حضرت موت الحسن بن علي، فقلت للحسين: اتَّقِ الله، ولا تُثِرْ فتنة، ولا تَسفِك الدماء، وادفِنْ أخاك إلى جنب أمِّه، فإنه قد عَهِدَ بذلك إليك. قال: ففعل.

وقد روى الواقدي عن أبي هريرة نحوًا من هذا.

وفي رواية: أن الحسن بعث يستأذن عائشة في ذلك، فأَذنت له، فلمّا مات لبس الحسين السلاح، وتسلَّح بنو أمية وقالوا: لا ندعُه يُدفن مع رسول الله أيُدفن عثمان بالبقيع ويُدفن الحسن بن علي في الحُجْرة؟! فلما خاف الناس وقوع الفتنة أشار سعد بن أبي وقّاص، وأبو هريرة، وجابر، وابن عمر على الحسين ألّا يقاتل، فامتثل، ودفن أخاه قريبًا من قبر أمِّه بالبقيع.

وقال سفيان الثوري: عن سالم بن أبي حَفْصة، عن أبي حازم قال: رأيت الحسين بن علي قدَّم يومئذ سعيد بن العاص فصلَّى على الحسن، وقال: لولا أنها سنَّةٌ ما قدَّمته.

وقال محمد بن إسحاق: حدثني مُساور - مولى بني سعد بن بكر - قال: رأيت أبا هريرة قائمًا على مسجد رسول الله يوم مات الحسنُ بن علي وهو ينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس! مات اليوم حِبُّ رسول الله فابْكُوا (٢).

وقد اجتمع الناس لجنازته حتى ما كان البقيع يسع أحدًا من الزّحام، وقد بكاه الرجال والنساء سبعًا، واستمرَّ نساء بني هاشم [يَنُحْنَ عليه شهرًا، وحدَّت نساء بني هاشم] (٣) عليه سَنَة.

وقال يعقوب بن سفيان: حدّثنا محمد بن يحيى، حدّثنا سفيان، عن جعفر (٤) بن محمد، عن أبيه قال: قُتل عليٌّ وهو ابن ثمان وخمسين سنة، ومات لها الحسن، وقُتل لها الحسين.

وقال شعبة: عن أبي بكر بن حفص قال: توفي سعدٌ والحسنُ بن علي في أيام بعدما مضى من إمارة معاوية عشرُ سنين.


(١) سقط من ط. والخبر في سير أعلام النبلاء (٣/ ٢٧٥).
(٢) تهذيب الكمال (٦/ ٢٥٥).
(٣) سقط من (ب).
(٤) تحرف في (أ)، (ب) إلى: يحيى. والخبر في المعرفة والتاريخ (٣/ ٣١٦).