للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو عبد الله الثَّقفي. [وعروة بن مسعود الثقفي] (١) عمُّ أبيه.

كان المغيرة من دهاة العرب وذوي آرائها. أسلم عام الخندق بعد ما قَتل ثلاثة عشر رجلًا من ثَقيف مرجعَهم من عند المُقَوْقِس (٢)، وآخذ أموالهم، فغُرم دياتهم عُروة بن مسعود. وشهد الحُديبية، وكان واقفًا يوم الصُّلح على رأس رسول الله بالسيف صَلْتًا. وبعثه رسول الله بعد إسلام أهل الطائف هو وأبو سفيان بن حرب، فهدما اللَّات، وقد قدَّمنا كيفية ذلك. وبعثه الصدِّيق إلى البحرين، وشهد اليَمامة واليرموك وأُصيبت عينه يومئذ، وقيل: بل نظر إلى الشمس وهي كاسفة فذهب ضوء عينه. وشهد القادسيَّة. وولّاه عمر فتوحًا كثيرة منها: همذان ومَيْسان. وأرسله سعد بن أبي وقاص إلى رُسْتم، فكلَّمه بذلك الكلام الفصيح البليغ. واستنابه عمر على البصرة، فلمّا شُهد عليه بالزِّنى - ولم يثبتْ عليه (٣) - عزله عنها وولّاه الكوفة، واستمرَّ به عثمان حينًا ثم عزله، فبقي معزولًا حتى كان أمر الحكمَيْن فلحق بمعاوية، فلما قُتل علي وصالح معاوية الحسن ودخل الكوفة ولّاه عليها، فلم يزل أميرَها حتى مات في هذه السنة على المشهور. قاله محمد بن سعد (٤) وغيره.

وقال الخطيب (٥): أجمع الناس على ذلك، وذلك في رمضان منها عن سبعين سنة. وقال أبو عبيد: مات سنة تسع وأربعين. وقال ابن عبد البَرّ (٦): سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين. وقيل سنة ست وثلاثين، وهو غلط.

قال محمد بن سعد: كان المغيرة أصهبَ الشَّعر جدًّا، أكشف اللون، مقلَّص الشفتَيْن، أهتم (٧)، ضخم الهامة، عَبْل الذِّراعين، بعيد ما بينَ المنكبين، وكان يفرق رأسه أربعة قُرون (٨).

وقال الشَّعبي: القُضاة أربعة: أبو بكر، وعمر، وابن مسعود، وأبو موسى. والدُّهاة أربعة: معاوية، وعَمرو بن العاص، والمُغيرة، [وزياد.

وقال الزُّهري: الدُّهاة في الفتنة خمسة: معاوية، وعَمرو بن العاص، والمُغيرة] (٩) بن


(١) سقط من (أ).
(٢) اسمه جريج بن مينا، والمقوقس لقب له. إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين (ص ٨١).
(٣) سير أعلام النبلاء (٣/ ٢٧ - ٢٨).
(٤) في طبقاته (٦/ ٢٠).
(٥) في تاريخه (١/ ١٩١ - ١٩٣)، لكن فيه: أنه توفي في شعبان لا في رمضان.
(٦) الاستيعاب (٤/ ١٤٤٦).
(٧) "الأهتم": من انكسرت ثناياه.
(٨) "قرون": جمع قَرْن، وهو الذؤابة. ولم نجد هذا النص في طبقات ابن سعد فلعله في الجزء المخروم من ترجمته فيها، وهو في تاريخ ابن عساكر والسير وغيرهما.
(٩) ما بين حاصرتين سقط من (أ). والقول في مختصر تاريخ دمشق (٢٥/ ١٤٧) والسير (٣/ ٢٢ - ٢٣).