وقد شهد بدرًا مع المشركين، ورأى الملائكة يومئذ بين السماء والأرض. وشهد الحُدَيبية وسعى في الصُّلح، فلمّا كان عمرة القضاء كان هو وسهيل هما اللذين أمرا رسول اللّه ﷺ بالخروج من مكة، فأمر بلالًا ألَّا تغرُبَ الشمس وبمكة أحد من أصحابه. قال: وفي كل هذه المواطن أهمُّ بالإسلام ويأبى الله إلّا ما يريد. فلما كان زمن الفتح خفتُ خوفًا شديدًا وهربت، فلحقني أبو ذرّ - وكان لي خليلًا في الجاهلية - فقال: يا حُوَيطب ما لك؟ فقلت: خائف، فقال: لا تخف فإنه أبرُّ الناس وأَوْصل الناس، وأنا جار لك فأقدم معي، فرجعت معه، فوقف بي على رسول الله ﷺ وهو بالبَطحاء ومعه أبو بكر وعمر، وقد علَّمني أبو ذرٍّ أن أقول: السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة اللّه وبركاته، فلما قلت ذلك قال:"حُوَيطب"؟! قلت: نعم، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال:"الحمدُ للّهِ الذي هَداك" وسُرَّ بذلك، واستقرضني مالًا، فأقرضتُه أربعين ألفًا. وشهدت معه حُنَينًا والطائف، وأعطاني من غنائم حُنين مئة بعير.
ثم قدم حويطب بعد ذلك المدينة فنزلها، وله بها دار، ولما ولي عليها مروان بن الحكم جاءه حُوَيطب وحكيم بن حِزام ومَخْرمة بن نوفل، فسلَّموا عليه وجعلوا يتحدَّثون عنده ثم تفرَّقوا. ثم اجتمع حُوَيطب بمروان يومًا آخر، فسأله مروان عن عمره، فأخبره، فقال له: تأخر إسلامُك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث، فقال حُوَيطب: اللهُ المستعان، والله لقد هممت بالإسلام غير مرَّة كل ذلك يَعُوقني أبوك يقول: تضع شرفك وتدع دين آبائك لدين مُحْدَث، وتصير تابعًا؟! قال: فأُسكت مروان واستحيى وندم على ما كان قال لي. ثم قال حُوَيطب: أما كان أخبرك عثمان ما كان لقي من أبيك حين أسلم؟ قال: فازداد مروان غَمًّا.
وكان حُوَيطب فيمن شهد دفن عثمان.
واشترى منه معاوية داره بمكة بأربعين ألف دينار، فاستكثرها الناس، فقال حُوَيطب: وما هي في رجل له خمسة من العيال؟!.
قال الشافعي: كان حُوَيطب حميد الإسلام، وكان أكثر قريش بمكة ريعًا جاهليًا.
وقال الواقدي: عاش حُوَيطب في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة. ومات حويطب في هذه السنة بالمدينة، وله مئة وعشرون سنة. وقال غيره: توفي بالشام.
له حديث واحد رواه البخاري ومسلم والنَّسائي (١) من حديث السائب بن يزيد عنه، عن عبد الله بن
(١) رواه البخاري رقم (٧١٦٣) ومسلم رقم (١٠٤٥) والنسائي (٥/ ١٠٤) ومن لطائف هذا الإسناد أن الزهري رواه عن أربعة من الصحابة في نسق واحد السائب، وحويطب، وابن السعدي، وعمر.