للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيِّب .. فذكر نحوه.

وقال ابن أبي الدنيا: حدّثني الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر القرشي، حدّثنا عبد الرزّاق، عن أبيه، عن مِينا (١) - مولى عبد الرحمن بن عوف -: أنَّ امرأة كانت تطَّلع على سعد، فنهاها، فلم تنته، فاطَّلعتْ يومًا وهو يتوضأ، فقال: شاهَ وجهُكِ، فعاد وجهُها في قفاها.

وقال كثير النَّوّاء: عن عبد الله بن بديل قال: دخل سعد على معاوية، فقال له: ما لكَ لم تقاتلْ معنا؟ فقال: إني مرَّت بي ريح مظلمة فقلت: إخْ إخْ (٢)، فأنختُ راحلتي حتى انجلتْ عني، ثم عرفتُ الطريق فسرت، فقال معاوية: إنه ليس في كتاب اللّه إخْ إخْ، ولكن قال تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ٩] فواللّه ما كنتَ مع الباغية على العادلة، ولا مِع العادلة على الباغية. قال سعد: ما كنت لأقاتل رجلًا قال له رسول الله : "أنتَ منِّي بمنزلةِ هارونَ من موسى غيرَ أنَّهُ لا نبيَّ بعدي". فقال معاوية: مَنْ سمع هذا معك؟ فقال: فلان وفلان وأمُّ سلمة. فقال معاوية: أما إنِّي لو سمعتُه منه لما قاتلتُ عليًا. وفي رواية من وجه آخر: أن هذا الكلام كان بينهما وهما بالمدينة في حجَّة حجَّها معاوية، وأنهما قاما إلى أمِّ سلمة، فسألاها، فحدَّثتهما بما حدَّث به سعد، فقال معاوية: لو سمعتُ هذا قبلَ هذا اليوم لكنتُ خادمًا لعلي حتى يموت أو أموت.

وفي إسناد هذا ضعف (٣)، واللّه أعلم.

وقد روي عن سعد: أنه سمع رجلًا يتكلَّم في علي وفي خالد، فقال: إنَّه لم يبلغ ما بينَنا إلى ديننا.

وقال محمد بن سِيرين: طاف سعد على تسع جوارٍ في ليلة، فلما انتهى إلى العاشرة أخذه النوم، فاستحيتْ أن توقظه.

ومن كلامه الحسن أنه قال لابنه مصعب: يا بُنيَّ إذا طلبتَ شيئًا فاطلبه بالقناعة، فإنه مَنْ لا قناعةَ له لم يُغنه المال.

وقال حماد بن سلمة: عن سِمَاك بن حرب، عن مصعب بن سعد قال: كان رأس أبي في حَجْري وهو يقضي، فبكيت، فقال: ما يبكيك يا بُنيّ؟ واللّه إنَّ اللّه لا يعذِّبني أبدًا، وإني لمن أهل الجنَّة، إنَّ


(١) هو مينا بن أبي مينا الزهري، متروك، قال ابن حبان في المجروحين (٣/ ٢٢): منكر الحديث … وجب التنكب عن روايته. مترجم أيضًا في ميزان الاعتدال للذهبي (٤/ ٢٣٧).
(٢) "إخ": تقال لزجر البعير ليبرك.
(٣) لكن حديث: "أنت مني بمنزلة هارون … " حديث صحيح، أخرجه البخاري رقم (٤٤١٦) في المغازي: باب غزوة تبوك، وفي فضائل الصحابة: باب مناقب علي بن أبي طالب، ومسلم (٢٤٠٤) في فضائل الصحابة أيضًا.