للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غادُون، أو اغدُوا فإنّا رائحون. موعظة بليغة، وغفلة (١) سريعة، يذهب الأول ويبقى الآخر لا عقل له.

وقال الحافظ أبو بكر بن مالك: حدَّثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبو بكر ليث بن خالد البجلي (٢)، حدَّثنا عبد المؤمن بن عبيد (٣) اللَّه السَّدوسي قال: سمعت أبا يزيد المديني يقول: قام أبو هريرة على منبر رسول اللَّه دون مقام رسول اللَّه بعَتَبة فقال: ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، ويلٌ لهم من إمارة الصِّبيان، يحكمون فيهم بالهوى، ويقتلون بالغضب.

وقال الإمام أحمد: حدَّثنا علي بن ثابت، عن أسامة بن زيد، عن أبي زياد -مولى ابن عباس- عن أبي هريرة قال: كانت لي خمس عشرة تَمْرة، فأفطرتُ على خمس، وتسخَرتُ بخمس، وأبقيتُ خمسًا لفطري (٤).

وقال أحمد: حدَّثنا عبد الملك بن عمرو، حدَّثنا إسماعيل -يعني العبدي- عن أبي المتوكل: أن أبا هريرة كانت لهم زنجيَّة قد غمتهم بعملها، فرفع عليها يومًا السَّوط ثم قال: لولا القصاصُ يوم القيامة لأغشينَّكِ به، ولكن سأبيعكِ ممَّن يوفيني ثمنك أحوج ما أكون إليه، اذهبي فأنتِ حرةٌ لوجه اللَّه ﷿ (٥).

وروى حماد بن سلمة، عن أيوب، عن يحمى بن أبي كثير، عن أبي سلمة: أن أبا هريرة مرض، فدخلتُ عليه أعوده فقلت: اللهمَّ اشفِ أبا هريرة، فقال: اللهمَّ لا تَرْجعها. ثم قال: يا أبا سلمة يوشكُ أن يأتيَ على الناس زمان يكون الموتُ أحبَّ إلى أحدهم من الذهب الأحمر (٦).

وروى عطاء عن أبي هريرة قال: إذا رأيتم ستًّا فإنْ كانت نفس أحدكم في يده فليُرْسلها، فلذلك أتمنى الموت أخاف أن تدركني: إذا أُقَرت السُّفهاء، وبيع الحكم، وتهون الدم، وقُطعت الأرحام، وكثرت الجلاوزة (٧)، ونشأَ نَشَء (٨) يتخذون القرآن مزامير (٩).


(١) مثله في مختصر تاريخ دمشق (٢٩/ ٢٠٥) ووقعت في ط: عقلة.
(٢) كذا في أ، ط -لم أذكر النسخة ب لأن هذه الصفحات ساقطة منها كما أشرنا- وأراه محرفًا عن البلخي وقد ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد (١٣/ ١٥).
(٣) تحرف في أ، ط إلى: عبد، والتصويب من الجرح والتعديل (٦/ ٦٥) وتهذيب التهذيب (٦/ ٤٣٣) وغيرهما.
(٤) حلية الأولياء (١/ ٣٨٤).
(٥) أخرجه أحمد في الزهد (ص ٢٥٩ - ٢٦٠).
(٦) طبقات ابن سعد (٤/ ٣٣٨).
(٧) "الجلاوزة": جمع جلواز، وهو الشرطي.
(٨) قال ابن الأثير في النهاية (٥/ ٥١ - ٥٢): يروى بفتح الشين، جمع ناشئ، كخادم وخدَم. يريد جماعة أحداثًا. قال أبو موسى: والمحفوظ بسكون الشين، كأنه تسمية المصدر.
(٩) أورده ابن سعد في طبقاته (٤/ ٣٣٧) بنحوه من طريق روح بن عبادة، حدَّثنا الربيع بن صبيح قال: أخبرنا حبيب بن أبي فضالة أن أبا هريرة قال. . . وأخرجه أحمد في مسنده (٦/ ٢٢) من كلام عوف بن مالك الأشجعي.