للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخير، فإني سمعت رسول اللَّه يقول: "اللهمَّ اهدِ به". تفرد به الترمذي (١) وقال: غريب. وعمرو بن واقد ضعيف.

هكذا ذكره أصحاب الأطراف في مسند عمير بن سعد الأنصاري. وعندي أنه ينبغي أن يكون من رواية عمر بن الخطاب، ويكون الصواب فقال عمر: لا تذكروا معاوية إلَّا بخير، ليكون عذرًا له في توليته له.

ومما يقوِّي هذا أن هشام بن عمّار قال: حدَّثنا ابن أبي السائب -هو عبد العزيز بن الوليد بن سليمان- قال: وسمعت أبي يذكر أن عمر بن الخطاب ولَّى معاوية بن أبي سفيان، فقالوا: ولَّى حدث السِّنّ، فقال: تلومونني في ولايته، وأنا سمعت رسول اللَّه يقول: "اللهمَّ اجعلْه هاديًا مَهْديًا، واهدِ به".

وهذا منقطع (٢) يقوِّيه ما قبله.

قال الطبراني: حدَّثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدَّثنا نُعيم بن حمَّاد، حدَّثنا محمد بن شُعيب بن شابور، حدَّثنا مروان بن جَناح، عن يونس بن ميسرة بن حَلْبَس، عن عبد اللَّه بن بُسر أن رسول اللَّه استشار أبا بكر وعمر في أمر، فقال: "أشيروا علَيّ" فقالا: اللَّه ورسوله أعلم، فقال: "ادعوا معاوية" فقال أبو بكر وعمر: أما في رسول اللَّه ورجلين من رجال قريش [ما يتقنون أمرهم حتى يبعث رسول اللَّه إلى غلام من غلمان قريش] (٣)؟! فقال: "ادعوا لي معاوية" فدُعي له، فلمّا وقف بين يديه قال رسول اللَّه : "أَحضِروه أمركم، وأَشهِدوه أمركم، فإنه قوي أمين" (٤).

ورواه بعضهم عن نُعيم، وزاد "وحمِّلوه أمركم".

ثم ساق ابن عساكر أحاديث كثيرة موضوعة -بلا شك- في فضل معاوية، أضربنا عنها صفحًا، واكتفينا بما أوردناه من الأحاديث الصِّحاح والحِسان والمستجادات عمّا سواها من الموضوعات والمنكرات.

قال ابن عساكر: وأصح ما روي في فضل معاوية حديث أبي حمزة عن ابن عباس: "أنه كان كاتب النَّبِيّ منذ أسلم". أخرجه مسلم في "صحيحه" (٥).

وبعده حديث العِرْباض: "اللهم علِّم معاوية الكتاب" (٦).


(١) وأخرجه برقم (٣٨٤٣).
(٢) لأن الوليد بن سليمان لم يدرك عمر.
(٣) ما بين حاصرتين سقط من ب.
(٤) تاريخ ابن عساكر (١٦/ ٣٤٤ - ٣٤٥).
(٥) هكذا قال، وحديث أبي حمزة عن ابن عباس الذي في صحيح مسلم برقم (٢٦٠٤) ليس فيه أنه كان كاتب النَّبِيّ منذ أسلم، والوهم فيه من الحافظ ابن عساكر، كما يظهر.
(٦) وقد تقدم.