للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القاضي الماوردي في "الأحكام السُّلطانية": وحُكي أن معاوية أُتي بلصوص، فقطعهم حتى بقي واحد من بينهم فقال:

يَميني أميرَ المؤمنينَ أُعيذُها … بعَفْوكَ أنْ تلقَى نَكالًا يُبِينُها

يدي كانتِ الحسناءَ لو تمَّ سترُها … ولا تَعدَمُ الحسناءُ عَيْبًا يَشِينُها

فلا خيرَ في الدُّنيا وكانتْ حبيبةً … إذا ما شِمالي فارَقَتْها يَمِينُها

فقال معاوية: كيف أصنع بك؟ قد قطعنا أصحابك. فقالت أمُّ السارق: يا أمير المؤمنين! اجعلها في ذنوبك التي تتوب منها. فخلَّى سبيلَه، فكان أول حدٍّ تُرك في الإسلام (١).

وعن ابن عباس أنه قال: قد علمت بما غلبَ معاوية الناس: كانوا إذا طاروا وقع، وإذا وقعوا طار.

وقال غيره: كتب معاوية إلى نائبه زياد: إنه لا ينبغي أن تَسُوس الناس سياسةً واحدة باللِّين فيمرحوا، ولا بالشدَّة فتحمل الناس على المهالك. ولكن كن أنت للشدة والفظاظة والغِلْظة، وأنا للِّين والأُلفة والرحمة، حتى إذا خاف خائف وجد بابًا يدخل منه.

وقال أبو مُسْهر: عن سعيد بن عبد العزيز قال: قضى معاويةُ عن عائشةَ أمِّ المؤمنين ثمانية عشر ألف دينار، وما كان عليها من الدِّين الذي كانت تعطيه الناس.

وقال هشام بن عروة: عن أبيه قال: بعث معاوية إلى أمِّ المؤمنين عائشةَ بمئة ألف، ففرَّقتها من يومها فلم يبق منها درهم، فقالت لها خادمتها: هلّا أبقيتِ لنا درهمًا نشتري به [لحمًا تفطري عليه] (٢)؟ فقالت: لو ذكرتيني لفعلت.

وقال عطاء: بعث معاوية إلى عائشة -وهي بمكة- بطوقٍ قيمتُه مئة ألف، فقبلته.

وقال زيد بن الحُباب: عن الحسين بن واقد، عن عبد اللَّه بن بُرَيدة قال: قدم الحسن بن علي على معاوية، فقال له: لأجيزنَّك بجائزة لم يُجزها أحد كان قبلي. فأعطاه أربعمئة ألف ألف.

ووفد إليه مرة الحسن والحسين، فأجازهما على الفور بمئتي ألف، وقال لهما: ما أجاز بهما أحد قبلي، فقال له الحسين: ولم تعطِ أحدًا أفضل منّا.

وقال ابن أبي الدنيا: حدَّثنا يوسف بن موسى، حدَّثنا جرير، عن مغيرة قال: أرسل الحسنُ بن علي وعبدُ اللَّه بن جعفر إلى معاويةَ يسألانه المال، فبعث إليهما -أو إلى كلٍّ منهما- بمئة ألف، فبلغ ذلك عليًّا


(١) الأحكام السلطانية (ص ٢٥٧) ومختصر تاريخ دمشق (٢٩/ ٢٨٦).
(٢) ما بين حاصرتين سقط من ب. والخبر في مختصر تاريخ دمشق (٢٥/ ٦٣).