للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يعقوب بن سفيان (١): حدَّثنا أبو بكر الحميدي، حدَّثنا سفيان، حدَّثنا عبد اللَّه بن شَريك، عن بشر بن غالب قال: قال ابن الزُّبَير للحسين: أين تذهب، إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟! فقال: لأَن أُقتل بمكان كذا وكذا أحبُّ إليَّ من أن تُستحل بي - يعني مكة.

وقال الزُّبَير بن بكّار: حدّثني عمي مصعب بن عبد اللَّه، أخبرني مَنْ سمع هشام بن يوسف يقول: عن مَعْمر قال: سمعت رجلًا يحدِّث عن الحسين أنه قال لعبد اللَّه بن الزُّبَير: أتتني بيعة أربعين ألفًا يحلفون بالطَّلاق والعَتاق إنَّهم معي. فقال له ابن الزُّبَير: أتخرج إلى قوم قتلوا أباك وأخرجوا أخاك؟! قال هشام: فسألت مَعْمرًا عن الرجل، فقال: هو ثقة. قال الزُّبَير: وقال عمي: وزعم بعض الناس أنَّ ابن عباس هو الذي قال هذا (٢).

وقد ساق محمد بن سعد (٣) -كاتب الواقدي- هذا سياقًا حسنًا مبسوطًا فقال: أخبرنا علي بن محمد، عن يحيى بن إسماعيل بن أبي المُهاجر، عن أبيه. وعن لوط بن يحيى الغامدي (٤)، عن محمد بن بشير الهمداني وغيره. وعن محمد بن الحجاج، عن عبد الملك بن عُمير. وعن هارون بن عيسى، عن يونس بن [أبي] (٥) إسحاق، عن أبيه. وعن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن مُجالد، عن الشعبي. قال محمد بن سعد: وغير هؤلاء قد حدثني أيضًا في هذا الحديث بطائفة، فكتبت جوامع حديثهم في مقتل الحسين وأرضاه.

قالوا: لما بايع الناس معاويةَ ليزيدَ كان حسين ممن لم يبايع له، وكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية، كل ذلك يأبى عليهم، فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفيَّة يطلبون إليه أن يخرج معهم، فأبى. وجاء إلى الحسين يعرض عليه أمرهم، فقال له الحسين: إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا بنا، ويستطيلوا بنا، ويشيطوا (٦) دماء الناس ودماءنا. فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم، مرة يريد أن يسير إليهم، ومرة يُجمع الإقامة عنهم. فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد اللَّه! إني لكم ناصح، هاني عليكم مُشفِق، وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم، فلا تخرج إليهم، فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: واللَّه لقد مللتُهم


(١) المعرفة والتاريخ (٢/ ٧٥٣).
(٢) الخبر في أخبار مكة للأزرقي (٢/ ٢٦٠)، وتاريخ دمشق (١٤/ ٢٠٣).
(٣) الطبقات الكبرى (قسم صغار الصحابة) بتحقيق السلمي (١/ ٤٣٧) فما بعدها.
(٤) في ط: "العامري"، محرف، وهو منسوب إلى "غامد" جدٍّ له، فانظر معجم الأدباء (٥/ ٢٢٥٢) (ط. إحسان عباس).
(٥) سقطت من المطبوع.
(٦) قال الزمخشري: "شاط دمه": إذا بطَل. وأشاط السلطان دمه: أهدره.