للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي: اصبِر أبا عبد اللَّه! اصبِر أبا عبد اللَّه بشطِّ الفُرات! قلت: وماذا تريد؟ قال: دخلتُ على رسول اللَّه ذاتَ يومٍ وعيناه تَفيضان فقلت: ما أبكاك يا رسول اللَّه؟ قال: بلَى، قام من عندي جبريلُ قبلُ، فحدّثني أن الحسينَ يُقتل بشطِّ الفُرات، قال: فقال: هل لكَ أن أُشِمَّك من تُربته؟ قال: فمدَّ يده فقبضَ قبضة من تراب فأعطانِيها، فلم أملِكْ عيني أنْ فاضَتا". تفرد به أحمد (١).

وروى محمد بن سعد (٢)، عن علي بن محمد، عن يحيى بن زكريا، عن رجل، عن عامر الشَّعبي، عن علي مثله.

وقد روى محمد بن سعد وغيره -من غير وجه- عن علي بن أبي طالب: أنه مرَّ بكربلاء عند أشجار الحَنْظل وهو ذاهب إلى صفِّين، فسأل عن اسمها، فقيل: كربلاء، فقال: كربٌ وبلاء. فنزل وصلَّى عند شجرة هناك ثم قال: يُقتل هاهنا شهداء هم خير الشهداء غير الصحابة، يدخلون الجنَّة بغير حساب. وأشار إلى مكان هناك، فعلَّموه بشيء، فقُتل فيه الحسين.

وقد روي عن كعب الأحبار آثارٌ في كربلاء.

وقد حكى أبو الجَنَاب الكلبي وغيره: أن أهل كربلاء لا يزالون يسمعون نَوْح نساء الجنِّ على الحسين وهنَّ يقلنَ:

مَسَحَ الرسُولُ جَبينَهُ … فَلَهُ بَرِيقٌ في الخُدُود

أَبَواهُ مِنْ عُلْيَا قُرَيْـ … ــشٍ جدُّهُ خيرُ الجُدُود (٣)

وقد أجابهم بعض الناس فقال:

خَرَجُوا بِهِ وفدًا إليـ … ــهِ فهمْ لهُ شَرُّ الوُفود

قَتَلوا ابنَ بنتِ نبيِّهمْ … سَكنُوا بِهِ ذاتَ الخُدود

وروى ابن عساكر: أن طائفة من الناس ذهبوا في غزوة إلى بلاد الروم، فوجدوا في كنيسة مكتوبًا:

أَتَرْجو أمَّة قَتَلَتْ حُسَينًا … شَفَاعَةَ جدِّهِ يومَ الحِسَاب

فسألوهم: من كتب هذا؟ فقالوا: إن هذا مكتوب هاهنا من قبل مبعث نبيكم بثلاث مئة سنة!


(١) وهو في مسنده (١/ ٨٥) وإسناده ضعيف.
(٢) طبقاته الكبرى (الطبقة الخامسة من صغار الصحابة) (١/ ٤٢٩).
(٣) مجالس ثعلب (ص ٣٣٩) ومختصر تاريخ دمشق (٧/ ١٥٤) وسير أعلام النبلاء (٣/ ٣١٧) وتاريخ الخلفاء (ص ٣٣٠).