للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطريقة هاهنا. وقد قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٣] يُوصي بنيه بالإخلاص، وهو دين الإسلام الذي بعث الله به الأنبياء .

وقد ذكرَ أهل الكتاب أنَه أوصى بنيه واحدًا واحدًا، وأخبرهم بما يكون من أمرهم، وبشَّرَ يهوذا بخروج نبي عظيم من نسله تُطيعه الشعوب، وهو عيسى ابن مريم، والله أعلم.

وذكروا: أنه لمَّا ماتَ يعقوبُ بكى عليه أهلُ مصرَ سبعين يومًا، وأمرَ يوسفُ الأطبَّاءَ فطيَّبوه بطيبٍ ومكثَ فيه أربعين يومًا، ثم استأذن يوسفُ ملكَ مصرَ في الخروج مع أبيه ليدفنَه عند أهله، فأذنَ له، وخرجَ معه أكابرُ مصرَ وشيوخُها، فلما وصلوا "حبرون" (١) دفنوه في المغارة التي كان اشتراها إبراهيمُ الخليل من عفرون بن صخر الحيثي، فدُفنَ فيها، وعملوا له سبعة أيام. قالوا: ثم رجعوا إلى بلادهم، وعزَّى إخوةُ يوسفَ ليوسفَ في أبيهم وترقَّقوا له، فأكرمهم وأحسنَ منقلبهم، فأقاموا ببلاد مصر.

ثم حضرتْ يوسفَ الوفاةُ، فأوصى أن يُحملَ معهم إذا خرجوا من مصرَ فيدفن عند آبائه، فحنَّطوه ووضعُوه في تابوت، فكان بمصرَ حتى أخرجَه معه موسى ، فدفنَه عند آبائه كما سيأتي.

قالوا: فماتَ وهو ابن مئة سنة وعشر سنين. هذا نصُّهم فيما رأيته، وفيما حكاه ابن جرير أيضًا. وقال مبارك بن فَضَالة، عن الحسن: أُلقي يوسفُ في الجُبِّ وهو ابنُ سبعَ عشرة سنة، وغاب عن أبيه ثمانينَ سنة، وعاش بعد ذلك ثلاثًا وعشرينَ سنة، ومات وهو ابن مئة سنة وعشرين سنة. وقال غيره: أوصى إلى أخيه يهوذا صلواتُ الله عليه وسلامُه.


(١) في هامش ب: قال في القاموس: باب الراء فصل الفاء: حبرون؛ بلد الخليل إبراهيم .