للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن فِهْر بن مالك -أبو أُنيس (١) الفِهْري- أحدَ الصحابة على الصحيح. وقد سمع من النبي وروى عنه أحاديث عدة. وروى عنه جماعة من التابعين. وهو أخو فاطمة بنت قيس - وكانت أكبر منه بعشر سنين. وكان أبو عبيدة بن الجرّاح عمَّه. حكاه ابن أبي حاتم (٢).

وزعم بعضهم: أنه لا صحبة له.

وقال الواقدي: أدرك النبي وسمع منه قبل البلوغ. وفي رواية عن الواقدي أنه قال: ولد الضحاك قبل وفاة النبي بسنتين.

وقد شهد فتح دمشق، وسكنها، وله بها دار عند حجر الذهب مما يلي نهر بردى. وكان أميرًا على أهل دمشق يوم صفِّين مع معاوية، ولما أخذ معاوية الكوفة استنابه بها في سنة أربع وخمسين. وقد روى البخاري في "التاريخ": أن الضحاك قرأ بالناس في الكوفة سورة (ص) في الصلاة فسجد فيها، فلم يتابعه علقمة وأصحاب ابن مسعود في السجود.

ثم استنابه معاوية عنده بدمشق فلم يزل عنده حتى مات معاوية وتولَّى ابنه يزيد، ثم ابن ابنه معاوية بن يزيد، ثم صار أمره إلى ما ذكرنا.

وقد قال الإمام أحمد: حدّثنا عفان بن مسلم، حدّثنا حماد بن سلمة، أنبأنا علي بن زيد، عن الحسن: أن الضحاك بن قيس كتب إلى [قيس بن] (٣) الهيثم حين مات يزيد بن معاوية: سلام عليك، أما بعد: فإني سمعت رسول اللَّه يقول: "إنَّ بينَ يَدَي السَّاعةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظْلم، فِتَنًا كقطعِ الدُّخان، يموتُ فيها قلبُ الرجلِ كما يموتُ بدنُه، يصبحُ الرجلُ مُؤمنًا ويُمْسي كافرًا، ويُمْسي مُؤمنًا ويصبحُ كافرًا، يَبيعُ أقوامٌ خلاقَهُمْ ودينَهُمْ بعَرَضٍ منَ الدُّنيا قليل" وإن يزيدَ بن معاوية قد مات وأنتم إخوانُنا وأشقاؤُنا فلا تَسْبقونا حتى نختار لأنفسِنا (٤).

وقد روى ابن عساكر (٥) من طريق ابن قُتيبة، عن العباس بن الفرج الرِّياشي، عن يعقوب بن إسحاق بن تَوْبة، عن حماد بن زيد قال: دخل الضحاك بن قيس على معاوية، فقال معاوية منشدًا له:

تطاولت للضَّحّاكِ حتَّى رددتُهُ … إلى حَسَبٍ في قومِهِ متَقاصِر


(١) ويقال: أبو أمية. ويقال: أبو عبد الرحمن. ويقال: أبو سعيد.
(٢) في الجرح والتعديل (٤/ ٤٥٧).
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٤٥٣) وابن سعد في الطبقات (٧/ ٤١٠) وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان. وهو عند ابن الأثير في أسد الغابة (٣/ ٥٠) والذهبي في سير أعلام النبلاء (٣/ ٢٤٢) والمرفوع منه صحيح، دون قوله: "فتنًا كقطع الدخان".
(٥) تاريخ دمشق (٢٤/ ٢٩١).