للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي أحاديث في "الصحيحين" وغيرهما. وشهد مع علي صفِّين. وكان أحد من كان يجتمع الشيعة في داره لبيعة الحسين، وكتب إلى الحسين فيمن كتب بالقدوم إلى العراق، فلما قدمها وقُتل بكربلاء بعد ذلك ورأى هؤلاء أنهم كانوا سببًا في قدومه وأنهم خذلوه حتى قُتل هو وأهل بيته، فندموا على ما فعلوا معه، ثم اجتمعوا في هذا الجيش وسمَّوا جيشهم: جيش التوابين، وسمَّوا أميرهم سليمان بن صُرَد: أمير التوابين، فقُتل سليمان في هذه الوقعة بعين وردة سنة خمس وستين، وقيل: سنة سبع وستين، والأول أصح. وكان عمره يوم قتل ثلاثًا وتسعين سنة .

[وأما المسيب بن نَجَبة بن ربيعة الفَزاري فإنه قدم مع خالد بن الوليد من العراق، وشهد فتح دمشق، ثم عاد إلى العراق وشهد مع علي صفِّين وغيرها. وكان أحد الكبار الذين خرجوا يطلبون بدم الحسين ] (١) وحُمل رأسه ورأس سليمان بن صُرَد إلى مروان بن الحكم بعد الوقعة.

وكتب أمراء الشاميين إلى مروان بما فتح اللَّه عليهم وأظفرهم به من عدوهم، فخطب الناس وأعلمهم بما كان من أمر الجنود ومن قتل من أهل العراق [وقد قال: أهلك اللَّه رؤوس الضلال سليمان بن صُرَد وأصحابه. وعلّق الرؤوس بدمشق] (٢).

وكان مروان بن الحكم قد عهد بالأمر من بعده إلى ولديه عبد الملك ثم من بعده عبد العزيز، وأخذ بيعة الأمراء على ذلك في هذه السنة. قاله ابن جرير (٣) وغيره.

وفيها دخل مروان بن الحكم وعمرو بن سعيد الأشدَق إلى الديار المصرية، فأخذاها من يد نائبها الذي كان لعبد اللَّه بن الزبير، وهو عبد الرحمن بن جَحْدم، وكان سبب ذلك أن مروان قصدها، فخرج إليه نائبها ابن جَحْدم، فقابله مروان ليقاتله، فاشتغل به، وخلص عمرو بن سعيد بطائفة من الجيش من وراء عبد الرحمن بن جَحْدم فدخل مصر فملكها، وهرب عبد الرحمن، ودخل مروان إلى مصر فتملَّكها، وجعل عليها ولده عبد العزيز.

وفيها بعث ابن الزبير أخاه مصعبًا ليفتح له الشام، فبعث إليه مروان عمرو بن سعيد، فتلقّاه إلى فلسطين، فهرب منه مصعب بن الزبير وكرَّ راجعًا ولم يظفر بشيء. واستقر ملك الشام ومصر لمروان.

[وقال الواقدي: إن مروان حاصر مصر، فخندق عبد الرحمن بن جَحْدم على البلد خندقًا وخرج في


(١) ما بين حاصرتين من أ فقط.
(٢) ما بين حاصرتين من ط فقط.
(٣) في تاريخه (٥/ ٦١٠).