للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى القصر -يعني منصرفه من القتال- ناداه سُراقةُ بن مِرْداس بأعلى صوته وكان في الأسرى.

امننْ علىَّ اليومَ يا خَيْرَ مَعَدْ … وخَيْرَ من حَلَّ بشِحْرٍ والجَنَدْ (١)

وخَيْرَ من لبَّى وصام وسَجَد (٢)

قال: فبعثه إلى السجن فاعتقله ليلة ثم أطلقه من الغد، فأقبل إلى المختار وهو يقول:

ألا أخبرْ (٣) أبا إسحاقَ أنا … نزونا نَزْوةً كانت علينا

خَرَجْنا لا نرى الضعفاءَ شيئًا … وكان خُرُوجنا بَطَرًا وشَينا (٤)

نراهم في مصافِّهمُ قليلًا … وهم مثلُ الرُّبا (٥) حين التقينا

برزْنا إذْ رَأيْناهُمْ فلما … رأينا القومَ قد برزوا إلينا

رأينا (٦) منهمُ ضربًا وطحنًا … وطعنًا صائبًا حتى انثنينا (٧)

نُصِرْتَ على عدوكَ كُلَّ يومٍ … بكلِّ كتيبةٍ (٨) تنعى حُسَيْنا (٩)

كنصر محمدٍ في يومِ بدرٍ … ويومَ الشِّعْبِ إذْ لاقى حُنَيْنا

فأَسجح (١٠) إذ ملكتَ فلو ملكنا (١١) … لجرنا في الحكومة واعتدينا

تقبل توبةً مني فإني … سأشكرُ إذْ جعلتَ النَّقدَ دينا (١٢)

وجعل سراقة بن مرداس يحلف أنه رأى الملائكة تقاتل على الخيول البلق بين السماء والأرض، وأنه لم يأسره إلا واحد من أولئك الملائكة، فأمره المختار أن يصعد المنبر فيخبر الناس بذلك. فصعد المنبر فأخبر الناس بذلك، فلما نزل خلابه المختار فقال له: إني قد عرفت أنك لم تر الملائكة، وإنما أردت


(١) في أ: كل مسح بالجند.
(٢) في الطبري: وخير من لبّى وحيّا وسجد، والأبيات أيضًا في ديوان سراقة بن مرداس (٧٤).
(٣) في الطبري وابن الأثير: ألا أبلغ.
(٤) في الطبري وابن الأثير: وحينا.
(٥) في الطبري: الدُّبي.
(٦) في الطبري: لقينا منهم ضربًا طلحفًا.
(٧) في أ وحدها: حتى انتهينا.
(٨) في ط: كثيبة -بالثاء-.
(٩) في الفتوح لابن الأعثم (٢/ ٣٢):
زففت الخيل يا مختار زفًّا … بكل كتيبة قتلت حسينا
نصرت على عدوك كل يوم … بكل حضارم لم يلق شينا
(١٠) في أ وحدها: فانجح؛ وما أثبت موافق للمصادر.
(١١) في الفتوح لابن الأعثم: فصفحًا إذ قدرت فلو قدرنا.
(١٢) في أ: العقد، وفي ط: العفو؛ وما أثبت عن ب والطبري وابن الأثير والأبيات في ديوان سراقة (٧٦ - ٧٧).