للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نائب الكوفة الحارث بن أبي ربيعة ومعه أهلها وجماعات من أشرافها، منهم إبراهيم بن الأشتر وسبَث بن رِبْعيّ، فلما وصلوا إلى جسر الصراة (١) قطعه الخوارجِ بينه وبينهم، فأمر الأمير بإعادته فأعيد، ففرت الخوارج هاربين بين يديه، فاتبعهم عبد الرحمن بن مِخْنف في ستة آلاف فمروا على الكوفة ثم صاروا إلى أرض أصبهان، فانصرف عنهم ولم يقاتلهم، ثم أقبلوا فحاصروا عَتّاب بن ورقاء شهرًا، بمدينة جيا (٢)، حتى ضيقوا على الناس فنزلوا إليهم فقاتلوهم فكشفوهم وقتلوا أميرهم الزبير بن الماحوز وغنموا ما في معسكرهم، وأمَّرت الخوارج عليهم قَطَريّ بن الفجاءة ثم ساروا إلى بلاد الأهواز، فكتب مصعب بن الزبير إلى المهلب بن أبي صفرة -وهو على الموصل- أن يسير إلى قتال الخوارج وكان أبصر الناس بقتالهم، وبعث مكانه إلى الموصل إبراهيمَ بن الأشتر فانصرف المهلب إلى الأهواز فقاتل فيها الخوارج ثمانية أشهر قتالًا لم يسمع بمثله.

قال ابن جرير (٣): وفي هذه السنة كان القحط الشديد ببلاد الشام بحيث لم يتمكنوا معه من الغزو لضعفهم وقلة طعامهم وميرتهم.

قال ابن جرير: وفيها قتل عبيد اللَّه بن الحر (٤) وكان من خبره أنه كان رجلًا شجاعًا تتقلب به الأحوال والأيام والآراء، حتى صار من أمره أنه لا يُطيع لأحدٍ من بني أمية ولا لآل الزبير، وكان يمر على عامل الكورة من العراق وغيره فيأخذ منه جميع ما في بيت ماله من الحواصل قهرًا ويكتب له به براءة ويذهب فينفقه على أصحابه. وكان الخلفاء والأمراء يبعثون إليه الجيوش فيردها ويكسرها قلّت أو كثرت، حتى كان فيه مصعب بن الزبير وعماله ببلاد العراق، ثم إنه وفد على عبد الملك بن مروان فبعثه في عشرة نفر وقال: ادخل الكوفة وأعلمهم أن الجنود ستصل إليهم سريعًا، فبعث في السر إلى جماعة من إخوانه يظهرهم على أمرهم، فأعلم أمير الكوفة الحارث بن عبد اللَّه فبعث إليه جيشًا فقتلوه في المكان الذي هو فيه (٥)، وحمل رأسه إلى الكوفة، ثم إلى البصرة، واستراح الناس منه.

قال ابن جرير (٦): وفيها شهد موقف عرفات أربع رايات متباينة، كل واحدة منها لا تأتم بالأخرى الواحدة لمحمد بن الحنفية في أصحابه.

والثانية لنجدة الحَرُوري وأصحابه.

والثالثة لبني أمية.


(١) في أ، ب: الصرّار، وما أثبت موافق للمصادر.
(٢) في الطبري (٦/ ١٢٥) حيّ.
(٣) تاريخ الطبري (٦/ ١٢٧).
(٤) في أ، ب: أبجر؛ خطأ، وما هنا موافق للمصادر.
(٥) في الطبري: أنه قتل بالأنبار.
(٦) تاريخ الطبري (٦/ ١٣٨).