للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها (١)، إني لأنظر إلى الدماء تترقرق بين العمائم واللِّحى.

قد شمَّرت عن ساقها فشمِّري

ثم أنشد (٢):

هذا أوانُ الشدِّ فاشتدي زيمْ … قدْ لفّها الليلُ بسوّاقٍ حُطَم (٣)

لست براعي إبل ولا غنَمْ … ولا بجزّارٍ على ظهرٍ وضَم (٤)

ثم قال:

قَدْ لفّها الليلُ بِعَصْلبيِّ (٥) … أروعَ خرّاجٍ من الدوِّيّ

مهاجرٍ ليس بأعرابيِّ

ثم قال: إني واللَّه يا أهل العراق ما أغمز بغماز (٦)، ولا يقعقع لي بالشنان، ولقد فُررْتُ عن ذكاء (٧) وجريتُ (٨) من الغاية القصوى، وإن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان نثر كنانته ثم عجم عيدانها عودًا عودًا، فوجدني أمرّها عودًا وأصلبها مغمزًا (٩) فوجهني إليكم، فأنتم طالما أوضعتم (١٠) في أودية الفتن، وسننتم سنن (١١) الغي، [واخترتم جدد الضلال] (١٢). أما واللَّه لأجردنكم جرد لحاء (١٣) العود، ولأعصبنكم عصب السلِمة حتى تنقادوا، [ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل]، إني واللَّه لا أعد إلا وفيت، ولا أخلق إلا فريت (١٤)، فإياي وهذه الجماعات وقيلا وقالا، واللَّه لتستقيمن على سبيل الحق أو لأدعن لكل رجل منكم شغلًا في جسده. ثم قال: من وجدت بعد ثالثة من بعث المهلب -يعني الذين


(١) في ط: وآن اقتطافها، وما هنا كالمصادر.
(٢) الأبيات منسوبة لرويشد بن رُميص العنبري، وهي من الرجز.
(٣) قوله: فاشتدي زيم؛ هو اسم للحرب، والحطم: الذي يحطم كل ما مر به.
(٤) وضم: ما وقي به اللحم عن الأرض.
(٥) العصلبي: الشديد.
(٦) في الطبري (٦/ ٢٠٤): لا أغمز كتغماز التين.
(٧) فرَّ: كشف عن أسنانه ليعرف عمره. ذكاء: نهاية الشباب.
(٨) في الطبري وابن الأثير: وجريت إلى الغاية القصوى.
(٩) في الطبري وابن الأثير: وأصلبها مكسرًا. وعجم عيدانها: يعني عضها واختبرها.
(١٠) في ط: رتعتم، وما أثبت كالطبري وابن الأثير.
(١١) في ط: وسلكتم سبيل. .، وما أثبت كالطبري وابن الأثير.
(١٢) زيادة من ط. وفي الكامل للمبرد: واضطجعتم في مراقد الضلال.
(١٣) في ط: لألحونكم لحي.
(١٤) أخلق: الخلق التقدير، ويقال فريت الأديم إذا أصلحته.