للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الأعمش: اشتكى شريح رجله فطلاها بالعسل وجلس في الشمس فدخل عليه عوّاده فقالوا: كيف تجدك؟ فقال: صالحًا. فقالوا: ألا أريتها الطبيب؟ قال: قد فعلت، قالوا: فماذا قال لك؟ قال: وعد خيرًا.

وفي رواية أنه خرج بإبهامه قرحة فقالوا: ألا أريتها الطبيب؟ قال: هو الذي أخرجها.

وقال الأوزاعي: حدَّثني عبدة بن أبي لبابة قال: كانت فتنة ابن الزبير تسع سنين، وكان شريح لا يختبر ولا يستخبر.

ورواه ابن ثوبان عن عبدة، عن الشعبي، عن شريح قال: لما كانت الفتنة لم أسأل عنها. فقال رجل لو كنت مثلك ما باليت متى مت، فقال شريح: فكيف بما في قلبي. وقد رواه شقيق بن سلمة عن شريح قال: في الفتنة ما استخبرت ولا أخبرت ولا ظلمت مسلمًا ولا معاهدًا دينارًا ولا درهمًا، فقال أبو وائل: لو كنت على حالك لأحببت أن أكون قد مِتُّ، فأوى إلى قلبه فقال: كيف يهدأ (١)، وفي رواية: كيف بما في صدري تلتقي الفئتان وإحداهما أحب إليّ من الأخرى. وقال لقوم رآهم يلعبون: ما لي أراكم تلعبون؟ قالوا: فرغنا! قال: ما بهذا أُمِرَ الفارغ.

وقال سوار بن عبد الله العنبري: حدَّثنا العلاء بن جرير العنبري، حدّثني سالم أبو عبد الله، أنه قال: شهدت شُريحًا وتقدم إليه رجل فقال: أين أنت؟ فقال: بينك وبين الحائط، فقال: إني رجل من أهل الشام، فقال: بعيد سحيق، فقال: إني تزوجت امرأة، فقال: بالرفاء والبنين (٢)، قال: إني اشترطت لها دارها، قال: الشرط أملك، قال: اقض بيننا، قال: قد فعلت (٣).

وقال سفيان: قيل لشريح بأي شيء أصبت هذا العلم؟ قال: بمعاوضة (٤) العلماء، آخذ منهم وأعطيهم.

وروى عثمان بن أبي شيبة، عن عبد الله بن محمد بن سالم، عن إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن هبيرة أنه سمع عليًا يقول: يا أيها الناس! يأتوني فقهاؤكم يسألوني وأسألهم، فلما كان من الغد غدونا إليه حتى امتلأت الرحبة، فجعل يسألهم: ما كذا ما كذا، ويسألونه ما كذا ما كذا فيخبرهم ويخبرونه حتى إذا ارتفع النهار تصدعوا غير شريح فإنه جاثٍ على ركبتيه لا يسأله عن شيء إلا أخبره به، قال: سمعت عليًا يقول: قم يا شريح فأنت أقضى العرب (٥).


(١) الخبر الذي قبله في حلية الأولياء (٤/ ١٤٥).
(٢) في السنة النبوية أن يقول له: بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير.
(٣) الخبر والذي قبله في حلية الأولياء (٤/ ١٤٦).
(٤) في الحلية (٤/ ١٤٦): بمقاومة.
(٥) الخبر في الحلية (٤/ ١٤٦ - ١٤٧) ووفيات الأعيان (٢/ ٤٦٢) وسير أعلام النبلاء (٤/ ١٠٢).