للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى نأتي تلك الشجرة، ثم ترفع أخرى فيقول: كبروا حتى نأتي تلك الشجرة، ونحو ذلك (١).

وروى البيهقي (٢): أن عبد الملك وقع منه فلس في بئر قذرة فاكترى عليه بثلاثة عشر دينارًا حتى أخرجه منها، فقيل له في ذلك، فقال: إنه كان عليه اسم الله ﷿.

وقال غير واحد (٣): كان عبد الملك إذا جلس للقضاء بين الناس يقوم السيَّافون على رأسه بالسيف فينشد، وقال بعضهم: يأمر من ينشد فيقول:

إنا إذا نالتْ دواعي الهوى … وأنصتَ السامعُ للقائلِ

واصطرعَ الناسُ بألبابهم … نقضي بحكم عادلٍ فاصلِ

لا نجعلُ الباطلَ حقًا ولا … نلط (٤) دونَ الحقِّ بالباطلِ

نخافُ أنْ تسفهَ أحلامنا … فنحمل الدَّهر مع الخاملِ (٥)

وقال الأعمش: أخبرني محمد بن الزبير: أن أنس بن مالك كتب إلى عبد الملك يشكو الحجاج ويقول في كتابه: لو أن رجلًا آوى عيسى ليلة واحدة أو خدمه لعرفته النصارى أو تعرف مكانه لهاجرت إليه ملوكهم، ولنزل من قلوبهم بالمنزلة العظيمة، ولعرفوا له ذلك، ولو أن رجلًا خدم موسى أو رآه تعرفه اليهود لفعلوا به من الخير والمحبة وغير ذلك ما استطاعوا، وإني خادم رسول اللّه وصاحبه ورأيته وأكلت معه، ودخلت وخرجت وجاهدت معه أعداءه، وإن الحجاج قد أضر بي وفعل وفعل، قال: فأخبرني من شهد عبد الملك يقرأ الكتاب وهو يبكي وبلغ به الغضب ما شاء الله، ثم كتب إلى الحجاج بكتاب غليظ (٦)، فجاء إلى الحجاج فقرأه فتغيّر ثم قال إلى حامل الكتاب: انطلق بنا إليه [نترضَّاه].

وقال أبو بكر بن دريد: كتب عبد الملك إلى الحجاج في أيام ابن الأشعث: إنك أعز ما تكون باللّه أحوج ما تكون إليه، وأذل ما تكون للمخلوق أحوج ما تكون إليه، وإذا عززت باللّه فاعف له، فإنك به تعزُّ وإليه ترجع (٧).

وقال بعضهم: سأل رجل من عبد الملك أن يخلو به فأمر من عنده بالانصراف، فلما تهيأ الرجل


(١) تاريخ دمشق (٣٧/ ١٣٩).
(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٧/ ١٣٩ - ١٤٠).
(٣) الخبر والأبيات في تاريخ دمشق (٣٧/ ١٤٠) والعقد الفريد (٤/ ٣٧٥).
(٤) في ط: "نلفظ"، وما أثبتناه من م، وهو الموافق لما في تاريخ دمشق. ولط الغريم بالحق دون الباطل وألط: دافع ومنع الحق (اللسان: لطط).
(٥) في ط: "نجهل الحق مع الجاهل"، وما أثبتناه من م وهو الموافق لما في تاريخ دمشق.
(٦) نص الكتاب في تاريخ دمشق (٣٧/ ١٤١) وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ٨١ - ١٠٠/ ص ٢٩٥) وسير أعلام النبلاء ٣٠/ ٤٠٢).
(٧) تاريخ دمشق (٣٧/ ١٤١ - ١٤٢).