للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أنس كثير الصلاة والصيام والعبادة (١).

وقد انتقل بعد النبي فسكن البصرة، وكان له بها أربع دور، وقد ناله أذى من جهة الحجّاج، وذلك في فتنة ابن الأشعث، توهم الحجاج منه أنه له مداخلة في الأمر وأفتى فيه (٢)، فختمه الحجاج في عنقه: هذا عتيق الحجاج، وقد شكاه أنس كما قدّمنا إلى عبد الملك، فكتب إلى الحجاج يعنفه، ففزع الحجاج من ذلك وصالح أنسًا (٣).

وقد وفد أنس على الوليد بن عبد الملك في أيام ولايته، قيل في سنة ثنتين وتسعين، وهو يبني المسجد الجامع بدمشق.

قال مكحول: رأيت أنسًا يمشي في مسجد دمشق فقمت إليه فسألته عن الوضوء من الجنازة فقال: لا وضوء.

وقال الأوزاعي: حدثني إسماعيل بن عبيد الله (٤) بن أبي المهاجر قال: قدم أنس بن مالك على الوليد فقال له الوليد: ماذا سمعت من رسول الله يذكر به الساعة؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: "أنتم والساعة كهاتين" (٥).

ورواه عبد الرزاق بن عمر (٦) عن إسماعيل قال: قدم أنس على الوليد في سنة ثنتين وتسعين فذكره.

وقال الزُّهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ قال: لا أعرف مما كان رسول الله وأصحابه إلا هذه الصلاة، وقد صنعتم فيها ما صنعتم (٧). وفي رواية وهذه الصلاة قد ضُيعت - يعني ما كان يفعله خلفاء بني أمية من تأخير الصلاة إلى آخر وقتها الموسع - كانوا يواظبون على التأخير إلا عمر بن عبد العزيز أيام خلافته كما سيأتي.

وقال عبد بن حميد (٨)، عن عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس. قال: جاءت بي أمي إلى رسول الله وأنا غلام فقالت: يا رسول الله خويدمك أنيس فادع الله له. فقال؛ "اللهم أكثر ما له وولده وأدخله الجنة". قال: فقد رأيت اثنتين وأنا أرجو الثالثة.


(١) من قوله: وثبت عنه أنه قال … إلى هنا زيادة من أ وسيرد الخبر بكماله بعد قليل.
(٢) في ط: أنه له مداخلة في الأمر وأنه أفتى فيه.
(٣) الخبر ذكره الحاكم في المستدرك (٣/ ٥٧٤) مختصرًا، وبطوله في تاريخ دمشق (٩/ ٣٧٢ - ٣٧٥) وتهذيبه (٣/ ١٥١ - ١٥٢).
(٤) في الأصل: إسماعيل بن عبد الله، والتصحيح من مسند أحمد.
(٥) الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٣/ ٢٢٣). وهو حديث صحيح.
(٦) هو عبد الرزاق بن عمر الثقفي، ضعيف (ميزان الاعتدال ٢/ ٦٠٨).
(٧) تاريخ دمشق (٩/ ٣٣٥).
(٨) رواه عبد بن حميد في مسنده رقم (١٢٥٥) وإسناده حسن.