للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الناس قال: إنما أصابه هذا بذنب عظيم أحدثه. فأنشد عروة في ذلك والأبيات لمعن بن أوس:

لعمركَ ما أهويتُ كفي لريبةٍ … ولا حملتني نحو فاحشة رِجلي

ولا قادني سمعي ولا بصري لها … ولا دلَّني رأيي عليها ولا عقلي

ولست بماشٍ ما حييتُ لمنكرٍ … منَ الأمرِ لا يمشي إلى مثلهِ مثلي

ولا مؤثرٌ نفسي على ذي قرابةٍ … وأوثر ضيفي ما أقامَ على أهلي

وأعلمُ أني لم تصبني مصيبةٌ … من الدهر إلّا قدْ أصابتْ فتى مثلي (١)

وفي رواية: اللهم إنه كان لي بنون أربعة فأخذت واحدًا وأبقيت ثلاثة. كذا ذكر هذا الحديث فيه هشام.

وقال مسلمة بن محارب: وقعت في رجل عروة الأكلة فقطعت ولم يمسكه أحد، ولم يدع في تلك الليلة وِرْدَه.

وقال الأوزاعي: لما نشرت رجل عروة قال: اللهم إنك تعلم أني لم أمش بها إلى سوءً قط. وأنشد البيتين المتقدمين.

رأى عروة رجلًا يصلي صلاة خفيفة فدعاه فقال: يا أخي أما كانت لك إلى ربك حاجة في صلاتك؟ إني لأسأل الله في صلاتي حتى أسأله الملح.

قال عروة: رب كلمة ذلٍّ احتملتُها أورثتني عزًا طويلًا.

وقال لبنيه: إذا رأيتم الرجل يعمل الحسنة فاعلموا أن لها عنده أخوات، وإذا رأيتم الرجل يعمل السيئة فاعلموا أن لها عنده أخوات، فإن الحسنة تدل على أختها، والسيئة تدل على أختها.

وكان عروة إذا دخل حائطه ردد هذه الآية: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [الكهف: ٣٩] حتى يخرج منه، واللّه أعلم] (٢).

قيل: إنه ولد في حياة عمر، والصحيح أنه ولد بعد عمر في سنة ثلاث وعشرين (٣)، وكانت وفاته في سنة أربع وتسعين على المشهور، وقيل سنة تسعين، وقيل سنة مئة، وقيل إحدى وتسعين، وقيل إحدى ومئة، وقيل سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع أو خمس وتسعين، وقيل تسع وتسعين (٤) فالله أعلم.

علي بن الحسين (٥) بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي المشهور بزين العابدين، وأمه أم ولد


(١) الأبيات في حلية الأولياء (٢/ ١٧٩) عدا الثالث والرابع.
(٢) ما بين معكوفين زيادة من ط، وهي موافقة لمصادر ترجمة عروة بن الزبير، وجلّها من ابن عساكر (٤٠/ ٢٥٩).
(٣) كذا في تاريخ خليفة (١٥٦) وتذكرة الحفاظ للذهبي (١/ ٦٣) وسير أعلام النبلاء (٤/ ٤٢٢).
(٤) نسب الذهبي بعض هذه الأقوال إلى أصحابها في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٨١ - ١٠٠/ ص ٤٢٩).
(٥) ترجمة - علي بن الحسين - في طبقات ابن سعد (٥/ ٢١١) وطبقات خليفة (٢٤٤) وتاريخ البخاري (٦/ ٢٦٦) والمعرفة والتاريخ (١/ ٣٦٠) وحلية الأولياء (٣/ ١٣٣) وتاريخ دمشق (٤١/ ٣٦٠ - ٤١٦) ووفيات الأعيان =