للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ابنُ خير عبادِ الله كلهم … هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العَلَمُ

إذا رأته قريشٌ قالَ قائلها … إلى مكارمِ هذا ينتهي الكَرَمُ

يُنمَى إلى ذروةِ العزَّ التي قصرتْ … عنْ نيلها عربُ الإسلامِ والعجمُ

يكادُ يُمسكُهُ عِرفان راحتهِ … ركنُ الحطيمِ إذا ما جاءَ يستلمُ

يُغضي حياءً ويغضى منْ مهابتهِ … فما يكلَّمُ إلا حينَ يبتسمُ

بكفهِ خيزرانٌ ريحها عبقٌ … من كفَّ أروع في عرنينهِ شممُ

مشتقةٌ منْ رسولِ الله نبعتهُ … طابتْ عناصرها (١) والخِيمُ والشيمُ

ينجابُ نورُ الهدي (٢) مِنْ نورِ غرتهِ … كالشمسِ ينجابُ عَنْ إشراقها القتمُ

حمَّالُ أثقالِ أقوامٍ إذا قدحوا … حلوَ الشمائلِ تحلو عندهُ نعمُ

هذا ابنُ فاطمةٍ إنْ كنتَ جاهلَهُ … بجَدّهِ أنبياءُ الله قدْ ختموا

الله فَضّلهُ قِدمًا وشرّفه … جرى بذاك له في لوحه القلمُ

منْ جدهِ دانَ فضلُ الأنبياءَ لهُ … وفضلُ أُمتهِ دانتْ لها الأممُ

عَمَّ البريَّة بالإحسانِ فانقشعتْ … عنها الغوايةُ والإملاقُ والظلمُ

كلتا يديهِ غياثٌ عمَّ نفعهما … تستوكفانِ ولا يعروهما العدمُ

سهلُ الخليقةِ لا تخشى بوادرهُ … يزينهُ إثنتانِ الحلمُ والكرمُ

لا يخلفُ الوعدَ ميمونٌ بغيبتهِ … رحبُ الفناءِ أريبٌ حين يعتزمُ

مِنْ معشرٍ حبهمْ دينٌ ويغضهمُ … كفرٌ وقربهمُ منجى ومعتصمُ

يستدفعُ السوء (٣) والبلوى بحبهمُ … ويستربٌّ (٤) بهِ الإحسانُ والنعمُ

مقدمٌ بعدَ ذكرِ الله ذكرهمُ … في كُلَّ حكمٍ ومختومٌ بهِ الكلمُ

إنْ عدَّ أهلُ التقى كانوا أئمتهمْ … أو قيلَ من خيرُ أهل الأرض قيلَ هُم

لا يستطيعُ جوادٌ بعدَ غايتهم … ولا يدانيهمُ قومٌ وإنْ كرموا

همُ الغيوثُ إذا ما أزمةٌ أزمتْ … والأسد أسدُ الشرى والبأسُ محتدمُ

يأبى لهم أن يحلّ الذم ساحتهمْ … خيمٌ كرامٌ وأيدٍ بالندى هضمُ

لا ينقصُ العدمُ بسطًا منْ أكفهمُ … سيَّان ذلكَ إنْ أثروا وإنْ عدموا

أيُّ الخلائقِ ليستْ في رقابهمُ … لأوليَّةِ هذا أولهُ نِعَم


(١) في الديوان: مفارسه. والنبعة من النبع: وهو شجر للقسي وللسهام ينبت في قلّة الجبل. القاموس (نبع). والخيم: السَّجية، والطبيعة. القاموس (خيم).
(٢) في الديوان: ثوب الدجى.
(٣) في الديوان والأغاني (٢١/ ٣٧٧): الشر.
(٤) في ط: ويستزاد؛ وما أثبت كالديوان والأغاني.