للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْعى في خلافةِ عمرَ بنِ عبدِ العزيز في موضع واحد، فعرض ذاتَ يوم لشاةٍ منها ذئبٌ، فقلتُ: إنَّا لله، ما أرى الرجلَ الصالح إلَّا قد هلَكَ. قال فحسَبنا (١)، فوجدناه قد هلك في تلك الليلة. ورواهُ غيره عن حمَّاد فقال: كنا نَرْعى الشاءَ بكَرْمان، فذكر نحوه؛ وله شاهدٌ من وجهٍ آخر.

ومن دعائه: اللهم إنَّ رجالًا أطاعوك فيما أمرتهم وانتهَوْا عما نهيتَهم، اللهمَّ وإنَّ توفيقَك إيَّاهم كان قبل طاعتهم إياك، فوفِّقْني (٢). ومنه: اللهمَّ إنَّ عمر ليس بأهلٍ أنْ تنالَهُ رحمتُك، ولكنَّ رحمتك أهلٌ أنْ تنالَ عمر (٣).

وقال له رجل: أبقاك الله ما كان البقاءُ خيرًا لك. فقال: هذا شيء قد فُرغ منه، ولكنْ قلْ: أحياكَ الله حياةً طيبةً، وتوفَّاك مع الأبرار (٣).

وقال له رجل: كيف أصبحتَ يا أمير المؤمنين؟ فقال: أصبحتُ بطيئًا بطينًا، متلوثًا بالخطايا، أتمنَّى على الله ﷿ (٣).

ودخل عليه رجلٌ. فقال: يا أمير المؤمنين إنَّ مَنْ كان قبلك كانتِ الخلافةُ لهم زينًا، وأنت زين الخلافة، وإنما مثلك يا أمير المؤمنين كما قال الشاعر:

وإذا الدُّرُّ زانَ حُسْنَ وجوهٍ … كانَ للدرِّ حسنُ وجهِكَ زَيْنا

قال: فأعرضَ عنه عمر (٣).

وقال رجاءُ بن حَيْوَة: سمَرْتُ عند عمر بن عبد العزيز ذات ليلة فعشي السراجُ فقلت: يا أمير المؤمنين: ألا أنبه هذا الغلام يصلحه؟ فقال: لا! دعه ينام، لا أحب أن أجمع عليه عملين. فقلت: أفلا أقومُ أُصلحه؟ فقال: لا! ليس من المروءةِ استخدامُ الضَّيف. ثم قام بنفسه فأصلحَه وصبَّ فيه زيتًا ثم جاء وقال: قمتُ وأنا عمر بن عبد العزيز، وجلستُ وأنا عمر بن عبد العزيز (٤).

وقال: أكثروا ذكرَ النعم، فإنَّ ذكرَها شكرُها (٥).

وقال: إنه ليمنعني من كثرة الكلام (٦) مخافةُ المباهاة.

وبلغه أنَّ رجلًا من أصحابه تُوفي، فجاء إلى أهله ليعزِّيهم فيه، فصرخوا في وجهه بالبُكاء عليه،


(١) في (ح، ق): "فحسبناه"، والمثبت من (ب) وتاريخ ابن عساكر ٥٤/ ١٨٠.
(٢) تاريخ ابن عساكر (٥٤/ ١٨٠).
(٣) تاريخ ابن عساكر (٥٤/ ١٨١).
(٤) تاريخ ابن عساكر (٥٤/ ١٨٤، ١٨٥).
(٥) تاريخ ابن عساكر (٥٤/ ١٨٦).
(٦) في (ق): "من كثرة ذكرها" تصحيف، والمثبت من (ب، ح) وتاريخ ابن عساكر (٥٤/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>