للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من النار. ساقه من طريق إبراهيم بن بشار عن عباد بن عمرو عن محمد بن يزيد البصري عن يوسف بن ماهك … فذكره؛ وفيه غرابة شديدة والله أعلم.

وقد (١) رُئيتْ له مناماتٌ صالحة، وتأسَّف عليه الخاصَّةُ والعامَّة، لا سيما العلماء والزهاد والعباد، ورثاه الشعراء، فمن ذلك ما أنشده أبو عمرو الشيباني لكُثَيِّر عرَّة يرثي عمر:

عمَّتْ صنائعُهُ فعمَّ هلاكُهُ … فالناسُ فيهِ كلُّهمْ مأجورُ

والناسُ مأتمهمْ عليهِ واحدٌ … في كل دارٍ رَنَّةٌ وزفيرُ

يُثني عليكَ لسانُ منْ لم تولهِ … خيرًا لأنَّكَ بالثناءِ جديرُ

ردَّتْ صنائعُهُ عليه حياتَهُ … فكأنهُ منْ نشرها منشورُ

وقال جرير (٢) يرثي عمرَ بن عبد العزيز :

يَنْعى النعاةُ أميرَ المؤمنينَ لنا … يا خيرَ منْ حجَّ بيتَ اللهِ واعتمرا

حُمِّلتَ أمرًا عظيمًا فاضطلعتَ بهِ … وسرتَ فيهِ بأمرِ اللهِ ياعمرا

الشمسُ كاسفةٌ ليستْ بطالعةٍ … تبكي عليكَ نجومُ الليل والقمرا (٣)

وقال محاربُ بن دِثَار يَرثي عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى:

لو أعظمَ الموتُ خلقًا أن يواقعهُ … لعدلِه لمْ يصبكَ الموتُ يا عمر

كمْ منْ شريعةِ عَدْلٍ قدْ نعشتَ لهم … كادَتْ تموتُ وأخرى منكَ تنتظرُ

يا لهفَ نفسي ولهفَ الواجدينَ معي … على العُدولِ التي تغتالها الحفرُ

ثلاثةٌ ما رأتْ عيني لهم شبهًا … تضمُّ أعظُمَهم في المسجدِ الحُفَرُ

وأنتَ تتبعهمْ لمْ تألُ مجتهدًا … سقيًا لها سننٌ بالحق تُفْتقرُ

لوْ كنتُ أملكُ والأقدارُ غالبةٌ … تأتي رواحًا وتبيانًا وتبتكرُ

صرفتُ عن عمر الخيراتِ مصرعَهُ … بديرِ سمعانَ لكنْ يغلِبُ القدَرُ (٤)

قالوا: وكانت وفاته بدَيْر سَمْعان من أرضِ حمص، يوم الخميس، وقيل الجمعة لخمس مضَيْن، وقيل بقَينَ من رجب، وقيل لعشر بقَينَ منه، سنة إحدى وقيل ثنتين ومئة. وقال الهيثم بن عدي: توفي في جمادى سنة ثنتين ومئة، وصلَّى عليه ابنُ عمه مَسْلمة بنُ عبد الملك؛ وقيل: صلى عليه يزيد بن


(١) انظر ص (٢٨) ح (٢) من هذا الجزء.
(٢) ديوان جرير ص (٣٠٤).
(٣) في (ب، ح): الشمس طالعة ليست بطالعة، والمثبت من الديوان وتاريخ ابن عساكر (٥٤/ ٢١٢).
(٤) تاريخ ابن عساكر (٥٤/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>