للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سما لكَ همٌّ في الفؤاد مؤرِّقٌ … بلغتَ بهِ أعلى المعالي بسُلَّمِ

فما بينَ شرْقِ الأرض والغرب كلِّها … منادٍ ينادي منْ فصيحٍ وأعجمِ

يقولُ أميرَ المؤمنينَ ظلمتني … بأخذِكَ ديناري ولا أخْذِ دِرْهمي

ولا بَسْطِ كفٍّ لامرئً غير مجرمٍ … ولا السَّفْكِ منهُ ظالمًا مِلْءَ مِحْجَمِ

ولو يستطيعُ المسلمونَ لقسَّمُوا … لكَ الشَّطْرَ من أعمارهمْ غيرَ نُدَّمِ

فَعِشْتَ بها ما حَجَّ للهِ راكبٌ … مُغذٌّ (١) مُطيفٌ بالمَقَامِ وزَمْزَمِ

فأرْبِحْ بها من صَفْقة لمبايعٍ … وأعظِمْ بها أعْظِمْ بها ثمَ أعظِم (٢)

قال: فأقبل عليَّ عمر بن عبد العزيز وقال: إنك تُسأل عن هذا يومَ القيامة.

ثم استأذنه الأحوصُ فأنشده قصيدةً أخرى فقال له: إنك تُسألُ عن هذا يومَ القيامة (٣).

ثم استأذنه نُصَيب فلم يأذنْ له، وأمر لكلِّ واحدٍ منهم بمئة وخمسين درهمًا، وأغْزَى نُصَيبًا إلى مَرْج دابِق (٤).

وقد وَفَدَ كثيرُ عزَّةَ بعدَ ذلك على يزيدَ بنِ عبد الملك، فامتدحه بقصائد، فأعطاه سبعَ مئةِ دينار.

وقال الزُّبير بن بكار: كان كُثيِّر عزَّةَ شيعيًّا خَشَبِيًّا (٥)، يرى الرَّجْعة، وكان يَرَى التناسُخ، ويحتجُّ بقوله تعالى: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار: ٨] (٦).

وقال موسى بن عُقْبَة: هُوِّلَ كُثيِّرُ عزَّة ليلةً في منامه، فأصبح يمتدحُ آل الزُّبير، ويَرْثي عبدَ الله بن الزُّبير، وكان سيِّئ الرأي فيه:

بمفتضحِ البطحاءِ ثاوٍ لوَ أنَّه … أقامَ بها ما لم تَرُمْها الأخاشبُ

سَرحْنا سُروبًا آمنينَ ومنْ يخفْ … بوائِقَ ما يخشى تَنُبْهُ النوائبُ


(١) في بعض النسخ: مُلَبِّ.
(٢) القصيدة في ديوان كثير ص (٢١٤)، والأغاني (٩/ ٢٩٦، ٢٩٧)؛ وكثير من ألفاظها مصحَّف في (ق)، وما أثبتناه من الصواب فيها من (ب، ح) والديوان.
(٣) ذكر أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني (٩/ ٢٩٧) قدرًا صالحًا من أبياتها.
(٤) الخبر بطوله أخرجه أبو الفرج في الأغاني (٩/ ٢٩٥ - ٢٩٨) وفي آخره: "ثم تقدم إليه نصيب فاستأذن في الإنشاد فأبى أن يأذن له، وغضب غضبًا شديدًا، وأمره باللحاق بدابق، وأمر لي وللأحوص لكل واحد بمئة وخمسين درهمًا".
(٥) في (ق): "خبيثًا" تصحيف، والمثبت من (ب، ح)؛ والخشبية هم أصحاب المختار بن أبي عبيد. ويقال لضرب من الشيعة الخشبية، قيل: لأنهم حفظوا خشبة زيد بن علي حين صُلب، والوجه الأول. النهاية في غريب الحديث (خشب).
(٦) ذكره المزي في تهذيب الكمال (٢٦/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>