للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأصمعي عن أبي الزِّناد، عن منذر بن أبي ثَوْر، قال: أصَبْنا في خزائنِ هشام اثني عشرَ ألف قميص، كلُّها قد أثر بها.

وشكى هشامٌ إلى أبيه ثلاثًا: إحداها أنه يَهَابُ الصعودَ إلى المِنبر، والثانية قِلَّةُ تناولِ الطعام، والثالثة أنَّ عندَهُ في القصر مئةَ جاريةٍ من حسانِ النساء، لا يكادُ يَصِلُ إلى واحدةٍ منهن. فكتب إليه أبوه: أمَّا صعودُكَ إلى المنبر فإذا علَوْتَ فوقَهُ فارمِ ببَصَرِكَ إلى مؤخِّرِ الناس، فهو أهونُ عليك، وأمَّا قِلَّةُ تناوُلِ الطعام فمُرِ الطبَّاخَ فَلْيُكْثِر الألوان، فلعَلَّك أن تتناول من كل لَوْنٍ لُقْمَةً، وعليك بكل بيضَاءَ بَضَّة، ذاتِ جَمَالٍ وحُسْن.

وقال أبو عبد الله الشافعي: لما بَنَى هشامُ بن عبد الملك الرُّصَافةَ قال: أُحِبُّ أنْ أخلُوَ بِها يومًا لا يأتيني فيه خبَرُ غَمٍّ. فما انتصفَ النهار حتى أتَتْهُ رِيشةُ دَمٍ من بعضِ الثُّغُور، فقال: ولا يومًا واحدًا؟!.

وقد رُويتْ هذه الحِكاية من وَجْهٍ آخر لم يمكُثْ بعد ذلكَ إلّا شهرًا واحدًا.

وقال سفيان بن عُيينة: كان هشامٌ لا يُكتَبُ إليه بكتابٍ فيه ذكرُ الموت.

وقال أبو بكر بن أبي خَيْثَمة: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي، حدثنا حُسين بن زيد، عن شهاب بن عبد رَبِّه، عن عمر بن علي، قال: مشَيْتُ معَ محمدِ بن عليّ - يعني ابنَ الحسين بن علي بن أبي طالب - إلى دارِهِ عند الحمام، فقلت له: إنَّهُ قد طالَ مُلكُ هشامٍ وسُلْطانُه، وقد قَرُبَ من العشرين سنة، وقد زَعَمَ الناسُ أنَّ سليمانَ سألَ ربَّهُ مُلكًا لا يَنبغي لأحدٍ من بعدِه، فزعم الناسُ أنها العشرون. فقال: ما أدْري ما أحاديثُ الناس، ولكنَّ أبي حدّثني عن أبيه، عن عليٍّ، عن النبيِّ قال: "لَنْ يَعْمُرَ اللهُ مُلْكًا في أمَّةِ نبيٍّ مَضَى قَبلَهُ ما بلَغَ ذلك النبيُّ من العُمر في أُمَّتِه، فإن الله عمَّرَ نَبيَّهُ ثلاثَ عشرةَ سنة بمكَّة، وعشرًا في المدينة".

وقال أبو بكر بنُ أبي خَيثمة: ليس حديثٌ فيه توقيتٌ غيرَ هذا، قرأه يحيى بن مَعِين على كتابي فقال: منْ حدَّثك به؟ فقلت: إبراهيم. فتلهَّف أنْ لا يكونَ سمعَه. وقد رواه ابنُ جرير في تاريخه (١) عن أحمد بن زهير، عن إبراهيم بن المنذر الحِزَامي.

[وروى مسلم بن إبراهيم، حدّثنا القاسم بن الفضل، حدّثني عياد بن الْمَغْراء العَتكي (٢) عن عاصم بن المنذر بن الزبير، حدّثني (٣) عبدُ الله بن الزبير أنه سمع عليًّا يقول: هلاكُ مُلكِ بني أميةَ على رجلٍ أحول. يعني هشامًا] (٤).


(١) في تاريخ الطبري (٤/ ٢٢١)، وأخرجه أيضًا الحاكم في المستدرك (٣/ ٣) (٤٢٥٧) وإسناده ضعيف.
(٢) في (ق): "عباد بن المعرا الفتكي" تصحيف، والمثبت من لسان الميزان (٤/ ٣٨٩) في ترجمة عياد هذا، والخبر فيه بالإسناد نفسه.
(٣) في (ق): "عن عبد الله .. " والمثبت من لسان الميزان.
(٤) هذا الحديث محصور بين معقوفين من زيادات نسخة (ق)، ليس في (ب، ح).

<<  <  ج: ص:  >  >>