للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها تُوفي:

زكريا بنُ أبي زائدة.

وكَهْمَس بن الحسن.

والمثنَّى بن الصباح.

وعيسى بن عمر أبو عمرو الثقفي البصري النحوي (١): شيخُ سِيبَويه، يُقال إنه من مَوَالي خالدِ بن الوليد، وإنما نزَلَ في ثَقيف فنُسب إليهم، وكان إمامًا كبيرًا جليلًا في اللغةِ والنَّحْوِ والقراءاتِ.

أخذ ذلك عن عُبيد اللّه بن كثير، وابن المحيصِن، وعبد اللّه بن أبي إسحاق. وسمع الحسنَ البصري وغيرَهم.

وعنه الخليل بن أحمد، والأصمعي، وسِيبَوَيه، ولَزِمَهُ وعُرف به، وانتفع به، وأخذ كتابَهُ الذي سماه بالجامِع، فزادَ عليه وبسَطَهُ، فهو كتابُ سيبويه اليوم، وإنما هو كتابُ شيخِه، وكان سِيبَويْه يسألُ شيخَهُ الخليلَ بنَ أحمد عمَّا أشكَلَ عليه فيه، فسأله الخليلُ أيضًا عمَّا صنَّف عيسى بن عمر فقال: جمعَ بضعًا وسبعين كتابًا ذهبَتْ كلُّها إِلَّا كتاب "الإكمال" وهو بأرض فارس، وكتابه "الجامع" وهو الذي أشتغلُ فيه وأسألُكَ عن غوامضِه. فأطرَقَ الخليلُ ساعةً ثم أنشد:

ذهبَ النحوُ جميعًا كلُّهُ … غير ما أحدث عيسى بن عُمَرْ

ذاك إكمالٌ وهذا جامعٌ … وهما للناسِ شمسٌ وقمَرْ

وقد كان عيسى يُغرب ويتقَعَّر في عبارتِهِ جدًّا (٢)، وقد حكى الجوهري عنه في الصّحَاح أنه سقطَ يومًا عن حمارِه، فاجتمع عليه الناسُ فقال: ما لَكُمْ تَكَأْكَأْتُمْ على تَكَأْكُؤَكُمْ على ذي جِنَّةٍ؟! افْرَنْقِعُوا عَنِّي. معناه ما لكم تَجَمَّعْتُمْ علي تجمُّعَكمْ على مجنون؟! انكشِفُوا عني.

وقال غيرُه: كان به ضيقُ نَفَس فسقَطَ بسببِه، فاعتقد الناسُ أنه مصروع، فجعلوا يعوِّذونه ويقرؤون عليه؛ فلمَّا أفاق من غَشْيَتِه قالَ ما قالَ. فقال بعضُهم: إنَّ جِنِّيتَهُ تتكلَّمُ بالفارسيَّة.

وذكر ابنُ خلِّكان أنه كان صاحبًا لأبي عمرٍو بن العلاء، وأنَّ عيسى بن عمر قال يومًا لأبي عمرِو بن


(١) ترجمته في الفهرست ص (٦٢)، الكامل لابن الأثير (٥/ ١٨٩)، المنتظم (٦/ ٩٨، و ٨/ ١١٨)، وفيات الأعيان (٣/ ٤٨٦)، سير أعلام النبلاء (٧/ ٢٠٠)، معرفة القراء الكبار (١/ ١١٩)، طبقات المحدثين ص (٥٦)، أخبار النحويين ص (٢٠)، البلغة ص (١٦٧)، شذرات الذهب (١/ ٢٢٤)، النجوم الزاهرة (٢/ ١١).
(٢) في (ح): "وقد كان عيسى بن عمر يتبعه في عبارته جدًّا".

<<  <  ج: ص:  >  >>