للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر، عن الزُّهْري، عن سِنان الدِّيْلي (١)، عن أبي واقد اللَّيثي قال: خرجنا مع رسول الله قبل حُنَيْن، فمررنا بسِدْرَة (٢)، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها، فقال النبي : "اللهُ أَكْبَرُ! هذا كَما قَالَتْ بَنُو إسْرائيْلَ لِموسَى ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ إنَكم تَرْكَبُونَ سُنَنَ الذيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ".

ورواه النسائي (٣) عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق (٤)، به.

ورواه الترمذي (٥)، عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. ثم قال: حسن صحيح.

وقد روى ابن جرير (٦) من حديث محمد بن إسحاق ومَعْمر، وعقيل، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي واقد الليثي أنّهم خرجوا من مكة مع رسول الله إلى حُنَيْن (٧)، قال: وكان للكفار سِدرة يعكُفون عندها ويعلِّقون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط، قال فمررنا بسدرةٍ خضراءَ عظيمةٍ، قال: فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. قال: "قُلْتُم -وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ- كما قَالَ قَوْمُ مُوسَى لموسَى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ".

والمقصود أن موسى لما انفصل من بلاد مصر، وواجه بلاد بيت المقدس، وجد فيها قومًا من الجبارين من الحيثانيين والفزاريين والكنعانيين وغيرهم، فأمرهم موسى بالدخول عليهم ومقاتلتهم وإجلائهم إياهم عن بيت المقدس، فإنَّ الله كتبه لهم، ووعدهم إيَّاه على لسان إبراهيم الخليل وموسى الكليم الجليل، فأبَوا ونكلوا عن الجهاد، فسلّط الله عليهم الخوف، وألقاهم في التيه يسيرون ويحلّون ويرتحلون ويذهبون ويجيئون في مدَّة من السنين طويلة، هي من العدد أربعون، كما قال الله تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٠) يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (٢١) قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (٢٢) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ


(١) الدِّيْلي، بكسر الدال المهملة وسكون الياء، وكسر اللام. لغة في الدؤلي. اللباب (١/ ٥١٤) الدؤلي.
(٢) السِّدْر: شجر النبق.
(٣) في تفسيره (٢٠٥)، وهو في الكبرى (١١١٨٥).
(٤) وهو في مصنفه (٢٠٧٦٣).
(٥) في الفتن من جامعه (٢١٨٠).
(٦) تفسيره (٩/ ٣١).
(٧) في المطبوع: "خيبر" خطأ، والصواب ما أثبتناه، وينظر تعليق الدكتور بشار على طبعته في جامع الترمذي (٤/ ٥٠).