للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: الصحبة. قال: إنْ أحببتَ ذلك فموعِدُك الليل. فلما كان الليل جاءني فقال: قُمْ بسمِ اللَّه. فأخذتُ ثيابَ سَفَري، وسرنا نمشي كأنما الأرض تجذب من تحتنا ونحن نمر على البلدان ونقول: هذه فلانة، هذه فلانة، فإذا كان الصباحُ فارَقَني ويقول: مَوْعِدُك الليل. فإذا كان الليل جاءني ففَعَلنا مثلَ ذلك. فانتهينا إلى مدينةِ النبيِّ ، ثم سِرْنا إلى مكة، فجئناها ليلًا، فقضَيْنا الحجَّ مع الناس ثم رجعنا إلى الشام، فزُرْنا بيتَ المقدِس، وقال: إني عازمٌ على المُقام بالشام. ثم رجعتُ أنا إلى بلدي بَلْخ كسائرِ الضعفاء، حتى رجَعْنا إليها ولم أسألْهُ عن اسمِه، فكان ذلك أولَ أمري.

ورُوي من وجهٍ آخر فيه نظر (١).

[وقال أبو حاتم الرازي: عن أبي نُعيم، عن سفيان الثوري، قال كان إبراهيمُ بن أدهم يُشبه إبراهيمَ الخليل، ولو كان في الصحابة كان رجلًا فاضلًا له سرائر، وما رأيته يُظهرُ تسبيحًا ولا شيئًا، ولا أكلَ مع أحدٍ طعامًا إلَّا كان آخرَ منْ يرفعُ يدَيْه] (٢).

وقال عبدُ اللَّه بن المبارك (٣): كان إبراهيمُ رجلًا فاضلًا له سرائر ومعاملات بينه وبين اللَّه ﷿؛ وما رأيتُه يُظهرُ تسبيحًا ولا شيئًا من عمَلِه ولا أكَلَ مع أحدٍ طعامًا إلا كان آخرَ منْ يرفَعُ يدَه.

وقال بشر بن الحارث الحافي: أربعة رفَعَهمُ اللَّه بطيبِ المطعم: إبراهيم بن أدهم، وسليمان الخَوَّاص، ووُهَيب بن الورد، ويوسف بن أسباط (٤).


(١) انظر تاريخ ابن عساكر (٦/ ٢٨٦ - ٢٨٨).
(٢) ما بين معقوفين ليس في (ب، ح) وهو زيادة من النسخة المصرية في (ق)، يدل على ذلك ما سيأتي في الخبر التالي.
(٣) كذا في الأصول، وفي تهذيب الكمال (٢/ ٣٢) وسير أعلام النبلاء (٧/ ٣٩٠) أنَّ القائل هو سفيان الثوري، كما جاء في الخبر السابق. وقد أتى ابن عساكر على كلا الروايتين في تاريخه (٦/ ٢٨٩) أولهما: "محمد بن إدريس الحنظلي قال: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: إبراهيم بن أدهم كان يشبه إبراهيم خليل الرحمن، ولو كان في أصحاب النبي لكان رجلًا فاضلًا". وثايهما: "سليمان بن أيوب قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: قلتُ لابن المبارك: إبراهيم بن أدهم ممَّن سمع؟ فقال: قد سمع من الناس، ولكن له فضل في نفسه، صاحب سرائر وما رأيته يظهر تسبيحًا ولا شيئًا من الخير، ولا أكل مع قوم طعامًا قط إلا كان آخر من يرفع يديه من الطعام".
(٤) أخرج البيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٥٧، ٥٨) برقم (٥٧٦٤) بإسناده: عن بشر بن الحارث قال: سمعت المعافى بن عمران يقول: كان عشرة فيمن مض من أهل العلم ينظرون في الحلال النظر الشديد، لا يُدخلون بطونَهم إلا ما يعرفون من الحلال، وإلا استفوا التراب. ثم عدَّ بشر: إبراهيم بن أدهم، وسليمان الخواص، وعلي بن فضيل بن عياض، وأبا معاوية الأسود، ويوسف بن أسباط، ووُهَيب بن الورد، وحذيفة شيخ من أهل حرَّان، وداود الطائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>