للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضُرب حتى مات، عن بضعٍ وسبعين سنةً. وقد ذكره ابنُ خلِّكَانَ في الوفيات فقال (١): بشارُ بنُ بُرْد بن يَرْجُوخ العُقَيلي مولاهم،، قد نَسَبهُ صاحبُ الأغاني (٢) فأطالَ نَسَبه، وهو بصريٌّ قَدِمَ بغداد، أصلُهُ من طَخَارِسْتَان (٣)؛ وكان ضخمًا عظيمَ الخَلْق، وشِعرُه في أوَّلِ طبقاتِ المولَّدين؛ ومن شعرِهِ البيتُ المشهور:

هل تعلمينَ وراءَ الحُبِّ مَنْزِلةً … تُدْني إليكِ فإنَّ الحُبِّ أقصاني (٤)

وقوله:

أنا واللَّهِ أشتهي سِحْرَ عَيْنَيْـ … ـكِ وأخْشَى مصارعَ العُشَّاقْ (٥)

وله:

يا قومُ أُذْني لبعضِ الحَيِّ عاشقةٌ … والأذنُ تعشَقُ قبل العينِ أحيانا

قالوا لِمَنْ لا تَرَى تَهْذي فقلتُ لهم … الأذنُ كالعينِ تؤتي القلبَ ما كانا (٦)

وله:

إذا بَلَغَ الرأيُ التشاوُرَ فاستَعِنْ … بحَزْمِ نَصيحٍ أو نَصِيحةِ حازِمِ

ولا تَجْعلِ الشُّورَى عليكَ غَضَاضةً … فَريشُ الخَوَافي قُوَّةٌ للقَوَادِمِ

وما خيرُ كَفٍّ أمَسَكَ الغُلُّ أختَها … وما خيرُ سيفٍ لم يُؤيَّدْ بقائِم (٧)

كان بشارٌ يَمدحُ المهدي، حتى وَشَى إليه الوزيرُ أنَّهُ هجاهُ وقَذَفَهُ، ونسَبَه إلى شيءٍ من الزَّنْدَقة، وأنَّهُ يقولُ بتَفْضيلِ النارِ على التُّراب، وعَذَرَ إبليسَ في السُّجودِ لآدَم، وأنَّه أنشد:


(١) وفيات الأعيان (١/ ٢٧١).
(٢) الأغاني (٣/ ١٢٧).
(٣) طَخَارسْتان -بالفتح وبعد الألف راء ثم سين ثم تاء مثناة من فوق- ويُقال طَجرستان: هي ولايةٌ واسعةٌ كبيرةٌ، تشتملُ على عِدَّةِ بلاد، وهي من نواحي خُراسان، وهي طخارستان العليا والسفلى، فالعليا شرقي بَلْخ، وغربي نهر جِيحُون، وبينها وبين بَلْخ ثمانيةٌ وعشرون فرسخًا؛ وأمَّا السُّفلى فهي أيضًا غربي جيحون، إلَّا أنَّها أبعدُ من بلَخْ، وأضربُ في الشرق من العليا. ومن مُدُنها خلم وسمنجان وبغلان وسكلكند ووروراليز. قال الإصطخري: وأكبرُ مدينةٍ بطخارستان طالقان. معجم البلدان (٤/ ٢٣).
(٤) البيت من مقطَّعةٍ في ديوان بشار ص (٦١٨).
(٥) البيت من مقطَّعةٍ في ديوان بشار ص (٥٦٥).
(٦) البيتان في ديوان بشار ص (٦١٢) مع بيت ثالث.
(٧) الأبيات في ديوان بشار ص (٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>