للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو نُوَاس: ما قلتُ الشعر حتى رَوَيتُ عن ستين امرأةً، منهنَّ خنساء، وليلى، فما ظنُّكَ بالرجال؟.

وقال يعقوب بن السِّكِّيت: إذا رويتَ الشعرَ عن امرئ القيس والأعشى من أهلِ الجاهلية، ومن الإسلاميِّين جريرٍ والفرزدق، ومن المُحدَثين عن أبي نُواس فحسبُك.

وقد أثنى عليه غيرُ واحد، منهم الأصمعيّ، والجاحظ، والنَّظَّام.

قال أبو عمرو الشيباني: لولا أنَّ أبا نواس أفسَدَ شعرَهُ بما وَضَعَ فيه من الأقذار لاحتَجَجْنا به. يعني شعرَه الذي قاله في الخمريَّات والمُرْدَان -وقد كان يَميلُ إليهم- ونحو ذلك مما هو معروفٌ في شعرِه.

واجتمع طائفةٌ من الشعراء عند المأمون، فقيل لهم: أيُّكم القائل:

فلمّا تَحَسَّاها وقَفْنا كأنَّنا … نرَى قمرًا في الأرضِ يبلُغُ كوكبا (١)؟

قالوا: أبو نواس. قال: فأيُّكم القائل:

إذا نزلَتْ دون اللَّهَاةِ من الفتى … دعَا هَمّهُ عن قلبِهِ برَحِيلِ (٢)؟

قالوا: أبو نواس. قال: فأيُّكم القائل:

فتمشَّتْ في مَفَاصِلِهم … كتمَشِّي البُرْءَ في السَّقَمِ (٣)؟

قالوا: أبو نواس. قال: فهو أشعَرُكم.

وقال سفيانُ بن عُيينةَ لابن مناذِر: ما أشعرَ ظريفَكُمْ أبا نُوَاسٍ في قوله:

يا قمرًا أبصرتُ في مَأتَمٍ … ينْدُبُ شَجْوًا بينَ أترابِ

أبْرَزَهُ المأتَمُ لي كارهًا … برَغْمِ ذي بابٍ وحُجَّاب

يَبْكي فيَذْري الدُّرَّ من عينه … ويَلْطِمُ الوَرْدَ بِعُنَّابِ


= ثابت عن أنس، أخرجه الطيالسي (٢٠٢٦) والترمذي في الجامع (٢٤٣٥)، والبزار كما في كشف الأستار (٣٤٩٦)، وأبو يعلى في مسنده (٣٢٨٤)، وابن خزيمة في التوحيد ٢٧٠، وابن حبان (٦٤٦٨)، والطبراني في الأوسط (٨٥١٣)، والحاكم (١/ ٦٩)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وأخرجه أحمد (٣/ ٢١٣)، وأبو داود (٤٧٣٩)، وابن خزيمة في التوحيد ٢٧١، والحاكم (١/ ٦٩) من حديث أشعث المداني عن أنس (بشار).
(١) لم أجد البيت في ديوان أبي نواس بهذا اللفظ، والذي فيه ص (٣٧):
إذا عبَّ فيها شاربُ القَوْمِ خِلْتهُ … يُقَبّلُ في داجٍ من الليِل، كَوْكَبا
(٢) البيت في ديوان أبي نواس ص (٤٨٢).
(٣) البيت في ديوان ص (٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>