للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ دُريد: قال أبو حاتم: لو أنَّ العامَّةَ بدَّلَتْ هذَيْنِ البيتين لكتبتُهما بماءَ الذهب (١):

ولو أني استزَدْتُكَ فوقَ ما بي … من البَلْوَى لأعْوَزَكَ المزيدُ

ولو عُرِضَتْ على الموتى حياتي … بعيشٍ مثل عيشي لم يُريدوا

وقد سمع أبو نُواس حديثَ سُهيل، عن أبي صالح (٢)، عن أبي هُريرة، أنَّ رسولَ اللَّه قال: "القلوبُ جُنودٌ مُجنَّدة، فما تعارَفَ منها ائتلَفَ، وما تَنَاكَرَ منها اختلف" (٣). فنظم ذلك في قصيدةٍ له فقال:

إنَّ القلوبَ لأجنادٌ مُجَنَّدةٌ … للَّه في الأرضِ بالأهواءِ تعترِفُ

فما تناكَرَ منها فهو مختلفٌ … وما تعارَفَ منها فهو مؤتلفُ (٤)

ودخل يومًا أبو نواس مع جماعةٍ من المحدِّثين على عبدِ الواحد بن زياد فقال لهم عبدُ الواحد: لِيَخْتَرْ كل واحدٍ منكم عشرةَ أحاديث أُحدِّثُه بها. فاختار كلُّ واحدٍ عشرةً إلَّا أبا نُواسَ، فقال له: ما لَكَ لا تختارُ كما اختاروا فأنشأ يقول:

ولقد كُنَّا رَوَيْنا … عن سعيدٍ عن قَتَادهْ

عن سعيدِ بنِ المُسَيّـ … ـبِ ثم ابنِ عُبَادَة (٥)

وعن الشعبيِّ والشَّعـ … ـبِيُّ شيخٌ ذو جَلادَهْ

وعن الأخيارِ نَحْكيـ … ـهِ وعَنْ أهْلِ الإفادَهْ

أنَّ مَنْ ماتَ مُحِبًّا … فلَهُ أجْرُ شَهَادَهْ (٦)


(١) زادت نسختا (ب، ح) ما نصّه: وهما لأبي نواس. ولم أجدهما في ديوانه.
(٢) كذا في الأصول، وفي تاريخ بغداد (٤/ ٣٥١): "سهيل بن أبي صالح عن أبيه".
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه (٤/ ٢٣١) (٢٦٣٨)، وابن حبان في صحيحه (١٤/ ٤٢) (٦١٦٨)، وأبو داود (٤/ ٢٦٠) (٤٨٣٤)، والخطيب في تاريح بغداد (٤/ ٣٥١)، ولفظهم جميعًا "الأرواح جنود. . . ".
(٤) البيتان في ديوان أبي نواس ص (٤٢٢).
(٥) في الأصول: ثم "سعد بن عبادة"، ولا يستقيم به وزن البيت.
(٦) كذا روى الخبر والأبيات الخطيب البغدادي في تاريخه (٧/ ٤٣٨)، ولم نجد الأبيات في ديوان أبي نواس، وهي في ديوان محيي الدين بن عربي ص (٣٩١) بألفاظ مقاربة وزيادة، وهي:
حدّث الشيخُ أبونا … عن أبيه عن قتادَهْ
عن عطاءِ بنِ يسارٍ … عن سعيد بن عُبَادَهْ
إنَّ منْ مات محبًّا … فله أجرُ الشهادَهْ
ثم قد جاء بأخرى … مثلَ هذا وزيادَهْ
عن فُضيلِ بنِ عياضٍ … وهو من أهل الزيادَهْ
إنَّ منْ مات خليًّا … كانتِ النار مِهَادَهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>