للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدُّنْيا منذُ يَوْم خَلَقْتَهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وكانَ هذا مَصِيْرهُ لَمْ يَرَ خَيْرًا قط". تفرّد به أحمد من هذا الوجه (١)، وفي صحته نظر. واللّه أعلم.

وقال ابن حبان (٢): ذِكْرُ سُؤالِ كليم اللّه ربّه جل وعلا أن يعلمه شيئًا يذكره به. حدَّثنا ابن سلم (٣) حدّثنا حَرْملة بن يحيى، حدّثنا ابن وهْب، أخبرني عمرو بن الحارث أنَّ درَّاجًا حدَّثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبي أنه قال: "قال مُوسَى: يا رَبِّ عَلِّمْني شَيْئًا أَذْكُركَ بهِ وَأَدْعُوْكَ بهِ. قالَ: قُلْ يا مُوسى: لا إلهَ إلَّا اللّهُ. قال يا رَبّ كُلُّ عِبادِكَ يقولُ هذا. قالَ: قُلْ: لا إلهَ إلَّا اللّهُ. قالَ: إنَّما أُرِيْدُ شَيْئًا تَخُصُّني بهِ. قالَ يا مُوسَى لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمواتِ السَّبْعِ وَالأرَضِيْن السَّبْعِ في كِفَّةٍ، ولَا إلهَ إلّا اللّهُ في كِفَّةٍ مالَتْ بِهِمْ لا إلهَ إلّا اللّهُ".

ويشهد لهذا الحديث حديث البِطاقة (٤). وأقرب شيءٍ إلى معناه الحديثُ المروي في السنن (٥) عن النبي أنه قال: "أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ ما قُلْتُ أنا وَالنَّبيُّونَ مِنْ قَبْلي: لا إلهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءِ قَدِيْر". وقال ابن أبي حاتم عند تفسير آية


(١) المسند (٣/ ٨١).
(٢) صحيح ابن حبان (٦٢١٨) كتاب التاريخ، باب بدء الخلق، وإسناده ضعيف، فإن دراجًا ضعيف لا سيما في روايته عن أبي الهيثم.
(٣) في ط: ابن سلمة. وهو سهو. وابن سلم هو عبد اللّه بن محمد بن سلم الفريابي المقدسي. سمع من حرملة بن يحيى بمصر، وحدّث عنه ابن حبان ووثقه، توفي سنة نيف عشرة وثلاثمئة. سير أعلام النبلاء (١٤/ ٣٠٦).
(٤) أخرجه أحمد (٢/ ٢١٣) و (٢/ ٢٢١ - ٢٢٢)، من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، ومن حديثه أخرجه ابن ماجة برقم (٤٣٠٠) في الزهد، باب ما يرجى من رحمة اللّه يوم القيامة. والترمذي برقم (٢٦٣٩) في الإيمان، باب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا اللّه.
(٥) هكذا قال، وفي قوله نظر، فإن هذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن سوى الترمذي (٣٥٨٥) في الدعوات من جامعه من حديث حماد بن أبي حميد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وضعفه بحميد هذا فقال: "هذا حديث غريب من هذا الوجه وحماد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني وليس هو بالقوي عند أهل الحديث". ومن هذا الطريق أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٢١٠). ومن العجب أن الهيثمي أورده في مجمع الزوائد (٣/ ٢٥٢) وقال: رواه أحمد ورجاله موثقون! والصحيح في هذا أنه مرسل كما في الموطأ من حديث طلحة بن عبيد اللّه بن كريز (٥٧٢ برواية الليثي من ط. د. بشار). وقال ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٣٩): "لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث كما رأيت، ولا أحفظه بهذا الإسناد مسندًا من وجه يحتج بمثله. وقد جاء مسندًا من حديث علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص، فأما حديث علي فإنه يدور على دينار أبي عمرو عن ابن الحنفية وليس دينار ممن يحتج به. وحديث عبد الله بن عمرو من حديث عمرو بن شعيب، وليس دون عمرو من يحتج به فيه" ثم ساقه موصولًا من هذه الطرق وقال: "ومرسل مالك أثبت من تلك المسانيد" (٦/ ٤١). أقول: وللحديث شاهد من حديث علي عند الطبراني في "الدعاء" رقم (٨٧٤) وفي إسناده قيس بن الربيع، وحديثه يصلح للمتابعات والشواهد، وشاهد آخر موقوف من حديث ابن عمر عند الطبراني في "الدعاء" رقم (٨٧٨) وإسناده صحيح، وشاهد ثالث مرسل من حديث طلحة بن عبيد اللّه بن كريز عند مالك (١/ ٢١٤) ومن طريقه عبد الرزاق رقم (٨١٢٥) فهو حديث حسن لغيره.