للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعلوّ المكانة وارتفاع المنزلة في العلم، . وقد بعُد صيتُه في زمانه، واشتهر اسمُه في شبيبته في الآفاق.

ثم حكى البيهقي كلام أحمد في الإيمان وأنه قول وعمل يزيد وينقص، وكلامه في أنَّ القرآن كلامُ اللَّه غيرُ مخلوق، وإنكاره على من يقول: إن لفظه بالقرآن مخلوق يريد به القرآن.

قال: وفيها (١) حكى أبو عمارة وأبو جعفر، أنبأ (٢) أحمد شيخنا السراج عن أحمد أنه قال: اللفظ محدَث، واستدلَّ بقوله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨]. قال: فاللفظ كلام الآدميين.

وروى غيرهما عن أحمد أنه قال: القرآن كيف ما تصرف غيرُ مخلوق، وأمَّا أفعالنا فهي مخلوقة.

قلت: وقد قرر البخاريُّ هذا المعنى في "أفعال العباد" وذكره أيضًا في الصحيح، واستدل بقوله : "زينوا القرآن بأصواتكم" (٣)، ولهذا قال غيرُ واحد من الأئمة: الصوت صوت القاري، والكلام كلام الباري. وقد قرر البيهقيّ ذلك أيضًا (٤).

ثم ذكر البيهقيُّ كلامَ الإمام أحمد في إثبات رؤية اللَّه في الدَّار الآخرة، واحتجَّ بحديث صُهيب الرومي في الرؤية (٥) وهي الزيادة، وكلامه في نفي التشبيه، وترك الخَوْض في الكلام، والتمسّك بما ورد في الكتاب والسنة من الآثار عن النبي وأصحابه.


(١) كذا في ط، وفي ظا: وفيما.
(٢) في ب، ظا: حكاه.
(٣) أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص ٣٣ و ٣٤) وأبو داود رقم (١٤٦٨) في الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، والنسائي (٢/ ١٧٩، ١٨٠) في الصلاة، باب تزيين القرآن بالصوت، والدارمي (٢/ ٤٧٤)، وأحمد (٤/ ٢٨٣، ٢٨٥، ٢٩٦، ٣٠٤)، وابن ماجه رقم (١٣٤٢) وصححه ابن حبان والحاكم، وهو حديث صحيح من حديث البراء بن عازب (ع).
قال الخطابي في قوله: "زينوا القرآن بأصواتكم" قد فسّره غير واحد من أئمة الحديث: زينوا أصواتكم بالقرآن، وقالوا: هذا من باب المقلوب.
(٤) زِيدَ في المطبوع عن البيهقي ما نصه:
وروى البيهقي من طريق إسماعيل بن محمد بن إسماعيل السلمي، عن أحمد أنه قال: من قال: القرآن محدث فهو كافر. ومن طريق أبي الحسن الميموني عن أحمد أنه أجاب الجهميّة حين احتجوا عليه بقوله تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأنبياء: ٢]. قال: يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث، لا الذكر نفسه هو المحدث. وعن حنبل، عن أحمد، أنه قال: يحتمل أن يكون ذكر آخر غير القرآن، وهو ذكر رسول اللَّه ، أو وعظه إياهم.
(٥) رواه أحمد في مسنده (٤/ ٣٣٢ و ٦/ ١٥)، ومسلم في صحيحه رقم (١٨١): "إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول اللَّه : تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ﷿".

<<  <  ج: ص:  >  >>