للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشرع في تحصيل السلاح وطبعه (١)، وإعداد آلات العدد، وجمع الرجال. وقد خرج نائب الكوفة منها - وهو الحسين بن إسماعيل - إلى ظاهرها، واجتمع إليه أمدادٌ كثيرة من جهة الخليفة ومحمد بن عبد اللّه بن طاهر، واستراحوا وجمّت (٢) خيولهم.

فلمَّا كان اليوم الثالث عشر من رجب أشار من أشار على يحيى بن عمر ممن لا رأي له، أنْ يركبَ ويناجز الحسين بن إسماعيل، ويكبسَ جيشه، فركب في جيش كثير، فيه خلْق من الفرسان والمشاة أيضًا من عامّة أهل الكوفة بغير أسلحة، فساروا، فلمَّا انتهوا (٣) إليهم نهضوا إليهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا في ظلمة آخر الليل، فما طلَعَ الفجرُ إلا وقد انكشف أصحابُ يحيى بن عمر، [وداستهم الخيل، ووجدوا يحيى بن عمر] (٤)، وقد تقنطر به فرسه، وطعن في ظهره، فحزُّوا رأسَه، وحمله إلى الأمير فبعثه إلى محمد بن عبد اللّه بن طاهر، فأرسله من الغد إلى الخليفة مع رجلٍ، يقال له: عمر بن الخطاب، أخي عبد الرحمن بن الخطاب، فنُصب بسامُرّا ساعةً من النهار، ثم بعث (٥) إلى بغداد، فنصب عند الجسر، فلم يمكن ذلك من كثرة (٦) العامّة، فجعل في خزائن السلاح.

ولمَّا جيء برأس يحيى بن عمر إلى محمد بن عبد اللّه بن طاهر، دخل الناسُ يهنونه بالفتح والظفر، فدخَلَ عليه أبو هاشم داود بن الهيثم الجعفريّ، فقال له: أيها الأمير! إنك لَتُهنّأ بقتْل رجل لو كان رسولُ الله حيًا لَعُزِّيَ به. فما ردَّ عليه شيئًا، ثم خرج أبو هاشم الجعفريّ، وهو يقول (٧):

يا بَني طاهرٍ كُلُوهُ وَبِيًّا … إنَّ لَحْمَ النَّبيّ غيرُ مَريِّ

إنَّ وِترًا يكونُ طالِبَهُ الـ … ـهُ لَوِتْرٌ نجاحُهُ بالحَرِيِّ

وكان الخليفة المستعين قد وجَّه أميرًا (٨) إلى الحسين بن إسماعيل نائب الكوفة، فلما قتل يحيى بن عمر، ودخلوا الكوفة، أراد ذلك الأمير أن يضَعَ في أهلها السيفَ، فمنعه الحسين بن إسماعيل، وآمن الأسود والأبيض، وأطفأ اللّهُ هذه الفتنة.


(١) لفظة وطبعه لم ترد في ب، ظا، ط.
(٢) في ط: وجمعوا. ومعنى "وجمت": تركت تستريح فلم تركب.
(٣) في ب، ظا: انتهى.
(٤) زيادة في ب، ظا.
(٥) في ب، ظا: بعثه، وفي ط: بعث به.
(٦) في ب، ظا: من جهة.
(٧) تاريخ الطبري (٩/ ٢٧٠)، والكامل لابن الأثير (٧/ ١٢٩).
(٨) هو كلباتكين، كما في الطبري (٩/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>