للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإمامة، ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار ومواظبته على الحج والاجتهاد (١).

وقال غيره: كان يصوم يومًا ويُفْطِرُ يومًا، وكان له أربع زوجات وسَرِيَّتان، وكان كثير الجِمَاع، حسنَ الوجه، مشرق اللَّوْن. قالوا: وكان يَقْسِم للإماء كما يقسم للحرائر.

وقال الدَّارَقُطْني: كان أبو بكر بن الحدَّاد كثير الحديث ولم يحدِّثْ عن أحدٍ سوى النَّسائي. وقال رضيتُ به حُجَّةً بيني وبين الله ﷿.

وقال ابن يونس: كان إمامًا في الحديث ثِقَةً ثَبْتًا حافظًا، وكان خروجه من مِصْر في سنة ثنتين وثلاثمئة.

وقال ابن عدي: سمعت منصورًا الفقيه وأحمد بن محمد بن سلامة الطَّحَاوي يقولان: أبو عبد الرحمن النَّسائي إمامٌ من أئمة المسلمين، وكذلك أثنى عليه غيرُ واحدٍ من الأئمة، وشهدوا له بالفَضْل والتقدُّم في هذا الشأن والحِفْظ والمعرفة.

وقد ولي الحكم بمدينة حِمْص، سمعته من شيخنا الحافظ أبي الحجَّاج المزِيِّ رحمة الله عليه عن رواية الطبراني في "معجمه الأوسط" حيث قال: حدثنا أحمد بن شعيب الحاكم بحِمْص، وذكروا أنه كان له من النِّساء أربع نسوة، وكان في غاية الحسن، وجهه كأنه قِنْديل، وكان يأكل في كل يوم ديكًا، ويشرب عليه من نقيع الزَّبيب الحلال.

وقد قيل: إنه كان يُنْسَبُ إليه شيء من التشيُّع.

قالوا: دخل إلى دمشق، فسأله أهلُها أن يحدِّثهم بشيء من فضائل معاوية فقال: أما يكفي معاوية أن يذهب رأسًا برأس حتى تُرْوى له فضائل! فجعلوا يطعنون (٢) في خُصْيَتَيْه حتى أُخرج من المسجد الجامع، فسار من عندهم فَقَصَد مكة، فمات بها في هذه السَّنة، وقبره بها، هكذا حكاه الحاكم عن محمد بن إسحاق الأصبهاني عن مشايخه.

وقال الدَّارَقُطْني: كان أفقه مشايخ مِصْر في عَصْره، وأعرفهم بالصَّحيح والسَّقيم من الآثار، وأعرفهم بالرِّجال، فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه، فخرج إلى الرَّمْلة، فسئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه، فضربوه في الجامع، فقال: أخرجوني إلى مكة، فأخرجوه وهو عليل، فتوفِّي بمكة مقتولًا شهيدًا.

وقال الحاكم: مع ما رزق النَّسائي من الفضائل رُزِقَ الشَّهادة في آخر عمره، مات بمكة سنة ثلاث وثلاثمئة.


(١) في (ط) الجهاد، وهو تحريف.
(٢) في المنتظم (٦/ ١٣١): يدفعون؛ وهو الأشبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>