للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالليل ولا بالنهار (١)، ففتشوا المخلاة، فوجدوا فيها كتابًا للحلاج عنوانه: "من الرَّحمن الرحيم إلى فلان بن فلان" (٢)، فبُعِثَ به (٣) إلى بغداد، فسئل الحلاج عن ذلك فأقَرَّ أنه كتبه، فقالوا: كنت تَدَّعي النبوة فصرت تدعي (٤) الربوبية؟! فقال: لا، ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إلا الله، وأنا واليد آلة؟ فقيل له: معك على هذا أحد؟ قال: نعم، ابن عطاء، وأبو محمد الجريري (٥)، وأبو بكر الشِّبْلي. فسئل الجَريري عن ذلك فقال: منْ يقول بهذا كافر. وسُئِلَ الشِّبْلي عن ذلك فقال: من يقول بهذا يمنع. وسئل ابن عطاء عن ذلك فقال بقَوْل الحلاج في ذلك، فعوقب حتى كان سبب هلاكه (٦).

ثم روى أبو عبد الرحمن السُّلَمي عن محمد بن عبد الله (٧) الرَّازي أن الوزير حامد بن العبَّاس لما حضر الحلاج سأله عن اعتقاده فكتبه، فسأل عن ذلك فقهاء بغداد، فأنكروا ذلك (٨) فقيل للوزير: إنَّ أبا العباس بن عطاء يقول بهذا. فطلبه إلى منزله (٩)، فجاء فجلس في صَدْر المجلس، وسأله عن ذلك فقال: منْ لا يقول بهذا (١٠) فهو بلا اعتقاد. فقال له الوزير: ويحك، تصوِّبُ مثل هذا الاعتقاد؟! فقال [ابن عطاء] (١١): ما لك ولهذا، عليك بما نُصبت له من أخذ أموال النَّاس وظُلْمهم وقَتْلهم، مالك ولكلام هؤلاء السَّادة (١٢)، فأمر الوزير [عند ذلك] (١٣) بضرب شِدْقيه، ونَزْع خُفَّيه، وأن يضرب بهما رأسه (١٤)، فما زال يُفْعل ذلك به حتى سال الدَّمُ من مَنْخِريْه، وأمر بسجنه. فقيل له: أيها الوزير، إن العامة تشوَّش بهذا (١٥). فحُمل إلى منزله، فقال ابنُ عطاء: اللهم، اقتله أخبث قتلة، واقطع يديه


(١) في (ط): فأنكروا ذلك من حاله، ففتشوا ..
(٢) في (ط): يدعوه إلى الضلالة والإيمان به، فبعث ..
(٣) في (ط) بالكتاب.
(٤) في (ط) الألوهية والربوبية.
(٥) في (ح) و (ظا) وتاريخ بغداد: الحريري - بالحاء المهملة - وهو تصحيف.
(٦) انظر ترجمة الحلاج للسلمي في الأصول الأربعة (١٩ - ٢٠) وتاريخ بغداد (٨/ ١٢٧ - ١٢٨) وسترد ترجمة ابن عطاء في وفيات سنة (٣٠٩ هـ).
(٧) في (ط) عبد الرحمن، وهو تحريف، ترجمته في تاريخ بغداد (٥/ ٤٦٤ - ٤٦٥).
(٨) في (ط): فأنكروا ذلك، وكفَّروا من اعتقده، فكتبه، فقيل للوزير ..
(٩) في (ط) فقال الوزير: إن أبا العباس بن عطاء يقول بهذا، فقالوا: من قال بهذا فهو كافر، ثم طلب الوزير ابن عطاء إلى منزله .. وما في نسخنا المخطوطة أقرب إلى عبارة الخطيب.
(١٠) في (ط): بهذا القول.
(١١) ما بين حاصرتين من (ط).
(١٢) في (ط): السادة من الأولياء.
(١٣) ما بين حاصرتين من (ط).
(١٤) في (ط): على رأسه.
(١٥) في (ط) تستوحش من هذا ولا يعجبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>