للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتولَّى خدمتهم بنفسه، ثم يكسوهم قميصًا قميصًا، ويعطي كل واحدٍ [منهم] (١) سبعة دراهم - أو قال: ثلاثة دراهم - فإذا فعل ذلك قام له مقام الحج (٢).

وأن من صام ثلاثة أيام لا يُفْطر إلا في اليوم الرَّابع على ورقات هِنْدَبا (٣) أجزأه ذلك عن صيام رمضان.

ومن صلَّى في ليلةٍ ركعتين من أوَّل الليل إلى آخره أجزأه ذلك عن الصلاة بعد ذلك.

وأن من جاور بمقابر الشُّهداء وبمقابر قريش عشرة أيام يصلِّي ويدعو ويصوم، ثم لا يُفْطر إلا على شيء من خُبْز الشعير والملح الجريش (٤) أغناه ذلك عن العبادة في بقية عمره. فقال له القاضي أبو عمر: من أين لك هذا؟ فقال: من "كتاب الإخلاص" للحسن البَصْري. فقال له: كذبت يا حلالَ الدَّم، قد سمعنا "كتاب الإخلاص" للحسن بمكة، وليس فيه شيء من هذا. فأقبل الوزير حامد بن العباس على القاضي أبي عمر فقال له: قد قلتَ يا حلالَ الدم، فاكتبْ ذلك في هذه الورقة. وألحَّ عليه، وقدَّم إليه الدَّواة، فكتب ذلك في تلك الورقة، وكتب منْ حضر خطوطهم فيها، وأنفذها الوزير إلى المقتدر، وجعل الحلاج يقول لهم: ظهري حِمَى، ودمي حَرَام، وما يحلُّ لكم أن تتأولوا عليَّ [ما يبيحه] (٥) واعتقادي الإسلام، ومذهبي السُّنَّة، وتفضيل أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزُّبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي عبيدة بن الجرَّاح، ولي كتب في السُّنَّة موجودة في الورَّاقين، فاللهَ اللهَ في دمي. فلا يلتفتون (٦) إلى شيءٍ مما يقول. وهو يكرره وهم يكتبون خُطوطهم بما كان من الأمر، ورُدَّ الحلاج إلى محبسه، وتأخر جواب المقتدر ثلاثة أيام حتى ساء ظنُّ الوزير حامد بن العباس، فكتب إلى الخليفة يقول: إن الحلاج قد اشتهر أمره، ولم يختلف فيه اثنان، وقد افتتن كثير من الناس به. فجاء الجواب بأن يُسلَّم إلى محمد بن عبد الصَّمد؛ صاحب الشُّرْطة، فليضربه ألف سَوْط، فإن مات وإلا ضُربَتْ عنقه. فَفَرحَ الوزير بذلك، وطلب صاحب الشُّرْطة، فسلَّمه إليه، وبعث معه طائفةً من غِلْمانه يوصلونه معه إلى محل الشُّرْطة من الجانب الغربي خوفًا من أن يُستنقذ من أيديهم، وذلك بعد عِشاء الآخرة من ليلة الثلاثاء لستٍّ بقين من ذي القَعْدة من هذه السَّنة. وركب على بغل عليه إكاف (٧)،


(١) ما بين حاصرتين من (ط).
(٢) تاريخ بغداد (٨/ ١٣٨).
(٣) يمد ويقصر، وهو نبات بقلي، وله أنواع عديدة، وهو معروف عندنا بالشام اللسان (هندب) والموسوعة في علوم الطبيعة (٢/ ٦١٧).
(٤) أي لم يتطيب. اللسان (جرش).
(٥) ما بين حاصرتين من (ط).
(٦) في (ط): فلا يلتفتون إليه ولا إلى شيء مما يقول.
(٧) برذعة: المعجم الوسيط (٢/ ١٠٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>