للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنعى إليكَ إشاراتِ العقولِ معًا … لم يبقَ منهنَّ إلَّا دارسُ العَلَمِ (١)

أنعى وحُبِّكَ أخلاقًا لطائفةٍ … كانتْ مطاياهمُ من مُكْمدِ الكظمِ

مضَى الجميعُ فلا عَيْنٌ ولا أثرٌ … مضيَّ عادٍ وفُقْدانَ الأُلى إرَمِ

وخَلَّفوا معشرًا يحذونَ لبستهمْ … أعْمَى من البُهْم بلْ أعمى من النَّعَم (٢)

قالوا: ولما أُخرج الحلاج من المنزل الذي بات فيه ليذهب به إلى القتل أنشد:

طَلَبْتُ المُسْتقرَّ بكلِّ أرضٍ … فَلَمْ أرَ لي بأَرْضٍ مستقرَّا

أطَعْتُ مطامعي فَاسْتَعْبَدتني … وَلَوْ أنِّي قَنِعْتُ لعشتُ حُرَّا (٣)

وقيل: إنه قالها حين قُدّم إلى الجذع ليصلب عليه، والمشهور ما ذكرناه.

ثم مشى (٤) وهو يتبختر في مشيته، وفي رجليه ثلاثة عشَرَ قيدًا، وجعل ينشد:

نديمي غيْرُ مَنْسوبٍ … إلى شيءٍ من الحَيْفِ

سَقَاني مِثْلَ ما يَشْرَ … بُ فِعْلَ الضَّيْفِ بالضَّيْفِ

فلَمَّا دارتِ الخمرُ … دَعا بالنِّطْعِ والسَّيْفِ

كذا منْ يشربُ الرَّاحَ … مَعَ التِّنين في الصَّيْفِ (٥)

ثم قال: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾ [الشورى: ١٨]، ثم ما نطق بعد ذلك حتى فُعِلَ به ما فعل (٦).

قالوا: ثم قُدَّمَ فَضُرِبَ ألفَ سَوْط، ثم قُطعت يداه ورِجلاه وهو في ذلك [كله] (٧) ساكت لا ينطق بكلمة، ولم يتغيَّر لونه، ويقال: إنه جعل يقول مع كل سَوْط: أحَدٌ أحد (٨).


(١) في ترجمة الحلاج للسلمي (٢٢) العدم، وفي الديوان (٢٥): الرحم.
(٢) الأبيات في الديوان (٢٤ - ٢٥) مع اختلاف في بعض الألفاظ. وأيضًا في ترجمة الحلاج للسلمي في الأصول الأربعة (٢٢ - ٢٣) وأخبار الحلاج (١١ - ١٢) وبداية الحلاج لابن باكويه في الأصول الأربعة (٣٤) مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) البيتان في ديوان أبي العتاهية (١٤١) وفي (ط) زيادة بيت بينهما، وهو:
وذقتُ من الزمان وذاق مني … وجدت مذاقه حلوًا ومُرَّا
وهو ليس في الديوان المذكور.
(٤) في (ط): فلما أخرجوه للصلب مشى إليه وهو يتبختر.
(٥) الأبيات في ديوان الحلاج (٧٣) وأخبار الحلاج (٣٥) مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٦) تاريخ بغداد (٨/ ١٣٢).
(٧) ما بين حاصرتين من (ط).
(٨) تاريخ بغداد (٨/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>