للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= القرآن. أو نحو هذا الكلام، وكان يظهر عند كل قوم ما يستجلبهم به إلى تعظيمه؛ فيظهر عند أهل السنة أنه سني، وعند الشيعة أنه شيعي، ويلبس لباس الزهاد، وتارة لباس الأجناد، وكان من مخاريقه أن يبعث بعض أصحابه إلى مكان من البرية يخبئ فيه شيئًا من الفاكهة والحلواء، ثم يخرج بجماعة إلى قرب ذلك المكان، فيشتهي عليه أحدهم فاكهة أو حلاوة، فيذهب إلى ذلك، فيأخذ ما خبأ هنالك ويجيبه، فيظن الحاضرون أن هذه كرامة له، وكان صاحب سيميا وشياطين، وكانت الشياطين تخدمه أحيانًا، كانوا مرة على جبل أبي قبيس، فطلبوا منه حلاوة، فذهب إلى مكان قريب منهم، ثم جاء معه بصحن حلاوة، فكشفوا الأمر، فوجدوا ذلك قد أحضر من حانوت حلاوي في اليمن، حمله الشيطان من الحانوت إليه. ومثل هذا يجري كثيرًا لغير الحلاج ممن له حال شيطاني، ونحن نعرف كثيرًا من هؤلاء في زماننا، وفي غير زماننا، مثل شيخ أخبر عن نفسه بأنه كان يزني بالنساء، ويتلوط بالجواري ولا يصلي، وكان يقوله، قال: وكان يأتيني كلب أسود بين عينيه نكتتان بيضاوان، فيقول لي: فلان بن فلان، قد نذر لك نذرًا، وغدًا يأتيك به، وأنا قضيت حاجته لأجلك، فيصبح ذلك الشخص يأتيه بذلك النذر، ويكاشفه هذا الشيخ الكافر بذلك. قال: وكنت إذا طلب مني تغيير مثل اللاذن أقوله حتى أغيب عن عقلي، فإذا باللاذن في يدي أو فمي، وأنا لا أدري من وضعه. قال: وكنت أمشي وبين يدي عمود أسود عليه نور، فلما تاب، وصار يصلي ويصوم، ويجتنب الفواحش ذهب الكلب الأسود، وذهب النور، وذهب التغيير من اللاذن وغيره.
وشيخ آخر كان له شياطين يرسلهم يصرعون بعض الناس، فيأتي أصحاب الصروع إلى الشيخ يطلبون منه إبراء ذلك المصروع، وهم لا يعلمون أن شياطين الشيخ صرعته، فيرسل إلى أتباعه من الجن، فيفارقونه، ويعطون الشيخ دراهم.
وآخر كان مشتغلًا بالعلم، فجاءته الشياطين أغوته، وقالوا له: نحن نسقط عنك الصلاة، ونحضر لك كل ما تريد. فكانوا يأتونه بالحلاوة والفاكهة حتى حضر عند بعض الشيوخ العارفين، فاستتابه، وأعطى أهل الحلاوة عن حلاوتهم التي أحضرها ذلك المفتون بالشيطان.
فكل من خرج عن الكتاب والسنة، وكان له حال من مكاشفة أو تأثير، فإنه صاحب حال شيطاني أو نفساني وإن لم يكن له حال، بل هو متشبه بأصحاب الأحوال، فهو صاحب محال بهتاني.
وعامة أرباب الأحوال الشيطانية يجمعون بين الحال الشيطاني والمحال البهتاني، كما قال تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: ٢٢١، ٢٢٢] والحلاج كان من أئمة هؤلاء أهل الحال الشيطاني والمحال البهتاني، وهؤلاء طوائف كثيرة، وأئمة هؤلاء هم شيوخ المشركين الذين يعبدون الأصنام، مثل الكهان والسحرة الذين كانوا للعرب والمشركين بأرض الهند والغرب وغير ذلك، ومن هؤلاء من إذا مات لهم ميت يعتقدون أنه يحيا بعد الموت، فيكلمهم، ويقضي ديونه، ويرد ودائعه، ويوصيهم بوصايا، فإنه يأتيهم ما يعتقدون أنه تلك الصورة التي كانت في الحياة، وهو شيطان يتمثل في صورته، فيظنونه إياه. وكثير ممن يستغيث بالمشايخ الموتى والأحياء، فيقول: يا سيدي فلان، أو يا شيخ فلان، اقض لي حاجة كذا وكذا. فيرى صورة ذلك الشيخ، فيخاطبه، ويقول له: أنا أقضي حاجتك، أو طيب قلبك، أو يدفع عنه عدوه، أو يحضر له بعض ما يطلبه، ويكون ذلك شيطانًا قد تمثل له في صورة الشيخ لما أشرك الداعي باللّه، فدعا غير الله. وأنا أعرف من هذا وقائع متعددة، ويقولون: ما في الوجود غيره ولا سواه؛ بمعنى أن المخلوق هو الخالق، والمصنوع هو الصانع، حتى إن طائفة من أصحابي ذكروا أنهم استغاثوا بي في شدائد أصابتهم، أحدهم كان خائفًا من الأرمن، والآخر كان خائفًا من التتر، فذكر كل منهم أنه لما استغاث رآني في الهواء وقد دفعت عنه عدوه، فأخبرتهم أني لا أعلم بهذا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>