وشيخ آخر كان له شياطين يرسلهم يصرعون بعض الناس، فيأتي أصحاب الصروع إلى الشيخ يطلبون منه إبراء ذلك المصروع، وهم لا يعلمون أن شياطين الشيخ صرعته، فيرسل إلى أتباعه من الجن، فيفارقونه، ويعطون الشيخ دراهم. وآخر كان مشتغلًا بالعلم، فجاءته الشياطين أغوته، وقالوا له: نحن نسقط عنك الصلاة، ونحضر لك كل ما تريد. فكانوا يأتونه بالحلاوة والفاكهة حتى حضر عند بعض الشيوخ العارفين، فاستتابه، وأعطى أهل الحلاوة عن حلاوتهم التي أحضرها ذلك المفتون بالشيطان. فكل من خرج عن الكتاب والسنة، وكان له حال من مكاشفة أو تأثير، فإنه صاحب حال شيطاني أو نفساني وإن لم يكن له حال، بل هو متشبه بأصحاب الأحوال، فهو صاحب محال بهتاني. وعامة أرباب الأحوال الشيطانية يجمعون بين الحال الشيطاني والمحال البهتاني، كما قال تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: ٢٢١، ٢٢٢] والحلاج كان من أئمة هؤلاء أهل الحال الشيطاني والمحال البهتاني، وهؤلاء طوائف كثيرة، وأئمة هؤلاء هم شيوخ المشركين الذين يعبدون الأصنام، مثل الكهان والسحرة الذين كانوا للعرب والمشركين بأرض الهند والغرب وغير ذلك، ومن هؤلاء من إذا مات لهم ميت يعتقدون أنه يحيا بعد الموت، فيكلمهم، ويقضي ديونه، ويرد ودائعه، ويوصيهم بوصايا، فإنه يأتيهم ما يعتقدون أنه تلك الصورة التي كانت في الحياة، وهو شيطان يتمثل في صورته، فيظنونه إياه. وكثير ممن يستغيث بالمشايخ الموتى والأحياء، فيقول: يا سيدي فلان، أو يا شيخ فلان، اقض لي حاجة كذا وكذا. فيرى صورة ذلك الشيخ، فيخاطبه، ويقول له: أنا أقضي حاجتك، أو طيب قلبك، أو يدفع عنه عدوه، أو يحضر له بعض ما يطلبه، ويكون ذلك شيطانًا قد تمثل له في صورة الشيخ لما أشرك الداعي باللّه، فدعا غير الله. وأنا أعرف من هذا وقائع متعددة، ويقولون: ما في الوجود غيره ولا سواه؛ بمعنى أن المخلوق هو الخالق، والمصنوع هو الصانع، حتى إن طائفة من أصحابي ذكروا أنهم استغاثوا بي في شدائد أصابتهم، أحدهم كان خائفًا من الأرمن، والآخر كان خائفًا من التتر، فذكر كل منهم أنه لما استغاث رآني في الهواء وقد دفعت عنه عدوه، فأخبرتهم أني لا أعلم بهذا، =