للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حينئذٍ إلى مؤنس الخادم يطلُب منه أبا بكر بن الأَدَمي القارئ (١)، وكان قد قرأ بين يديه حين اعتُقِلَ وأشهر في سنة إحدى وسبعين (٢) ومئتين ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: ١٠٢]. فخاف القارئُ من سَطْوته واستعفى من مُؤْنس الخادم فقال له مؤنس: اذهب وأنا شريكُك في الجائزة. فلما دَخَلَ عليه قرأ بين يديه ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ﴾ [يوسف: ٥٤]. فقال: بل أُحبُّ أن تقرأ ذلك العَشْر الذي قرأْتَه عند إشهاري (٣) ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾ [هود: ١٠٢] فإنَّ ذلك كان سببَ تَوْبتي (٤) إلى الله ﷿، وكان ذلك على يديك. ثم أمَرَ له بمالٍ جزيل وأحْسَنَ إليه.

وفيها مَرِضَ عليُّ بنُ عيسى الوزير فجاءه هارون بن المقتدر ليعودَه (٥)، فَبَسَطَ له الطريق، فلما اقتربَ من دارِه تحاملَ وخرج إليه، وبلَّغه سلامَ الخليفة، وجاء مُؤْنس الخادم معه، ثم جاء الخبر بأن الخليفة قد عَزَمَ على عيادته، فاستعفى من مؤنس الخادم، وركب على جَهْدٍ عظيم حتى سلَّم على الخليفة لئلا يكلفه الرّكوب إليه.

وفي هذه السنة قُبِضَ على القَهْرمانة أُمِّ موسى ومن ينتسب إليها، فكان حاصل ما حُمِلَ إلى بيت المال من جهتها ألف ألف دينار.

وفي يوم الخميس لعشر بقين من ربيع الآخر ولَّى المقتدر منصبَ القضاء أبا الحسين عمر بن الحسن (٦) بن علي الشَّيْباني المعروف بابن الأُشْناني - وكان من حُفَّاظ الحديث وفقهاء الناس - ولكنه عُزِلَ بعد ثلاثة أيام، وكان قبل ذلك محتسبًا ببغداد.

وفيها عُزِلَ محمد بن عبد الصَّمد عن شُرْطَة بغداد، ووليها نازُوك، وخُلع عليه.

وفي جُمادَى الآخرة ظهر كوكبٌ له ذنب طوله ذِرَاعان وذلك في برج السُّنْبُلَة.

وفي هذه السنة في شعبان منها وَصلَت هدايا نائب مصر وهو الحسين بن الماذَرَائي (٧)، وفيها بغلة معها فَلُوُّها (٨)، وغلام يصل لسانُه إلى طرف أنفه.


(١) سترد ترجمته في وفيات سنة (٣٤٨ هـ).
(٢) في (ح) و (ط): وستين، وهو تحريف، والمثبت من (ظا) و (ب). المنتظم (٥/ ٨٠ - ٨١).
(٣) في (ط): عند سجني وإشهاري.
(٤) في (ط): توبتي ورجوعي.
(٥) في (ط): ويبلغه سلام أبيه عليه.
(٦) في (ح) و (ب) و (ط) الحسين، وهو تصحيف. ترجمته في سير أعلام النبلاء (١٥/ ٤٠٦ - ٤٠٧).
(٧) في النسخ الخطية و (ط): المارداني، وهو تحريف، وكان على خراج مصر، توفي سنة (٣١٤ هـ)، وقيل سنة (٣١٧ هـ)، ترجمته في معجم البلدان (٥/ ٣٤).
(٨) أي ولدها. اللسان (فلا).

<<  <  ج: ص:  >  >>