للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنابلة (١). وقال (٢) لرجلٍ رَحَلَ إلى بغداد يكتب (٣) عن المشايخ - ولم يتفق له سماع من ابن جرير؛ لأن الحنابلة كانوا يمنعون أن يجتمع به أحد - فقال (٤): لو كتبتَ عنه لكان خيرًا لك من كل منْ كتبتَ عنه (٥).

قلت: وكان من العبادة والزَّهادة والوَرَع والقيام في الحَقِّ لا تأخذُه في ذلك لومةُ لائمٍ، وحُسْنِ القراءة (٦) على أحسن (٧) الصفات، وكان من كبار الصَّالحين، وهو أحد المحمَّدين (٨) الذين اجتمعوا بمصر في أيام الأمير [ابن] (٩) طولون، وهم: محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة إمام الأئمة، ومحمد بن نصر المَرْوزي، ومحمد بن هارون الرُّوْياني، ومحمد بن جرير الطَّبَري هذا - وقد ذكرنا ذلك في ترجمة محمد بن نَصْر المَرْوَزِي (١٠) - وكان الذي قام يصلِّي محمد بن إسحاق بن خُزَيمة، وقيل محمد بن نصر، فرزَقَهم الله ببركة صلاته (١١).

وقد أراد الخليفة المقتدر باللّه (١٢) في بعض الأحيان أن يكتب كتابَ وَقْف تكون شروطه متفقًا عليها بين الفقهاء، فقيل له: لا يَقْدِرُ على استحضار هذا إِلَّا محمد بن جرير (١٣)، فَطَلَبَ منه ذلك فكتبها، فاستدعاه الخليفة إليه (١٤)، وقال له: سَلْ حاجتك، فقال: لا حاجة لي. فقال: لا بُدَّ أن تسألني شيئًا (١٥). فقال: أسأل من أمير المؤمنين أن يتقدَّم أمره إلى الشُّرْطة حتى يمنعوا السُّؤَّال يوم الجُمُعة أن يدخلوا إلى مقصورة الجامع. فأمر الخليفة بذلك.

وكان ينفق على نفسه من مغل قرية تركَها له أبوه بطبرِسْتان.


(١) تاريخ بغداد (٢/ ١٦٤).
(٢) في (ط): وقال محمد. قلت: يعني ابن خزيمة.
(٣) في (ط): يكتب الحديث.
(٤) في (ط): فقال ابن خزيمة.
(٥) تاريخ بغداد (٢/ ١٦٤) وتعليق السبكي في طبقات الشافعية (٣/ ١٢٥).
(٦) في (ط) وكان حسن الصوت بالقراءة.
(٧) في (ط): مع المعرفة التامة بالقراءات على أحسن.
(٨) في (ط) المحدثتين، وهو تحريف.
(٩) ما بين حاصرتين من (ط)، وانظر تعليقنا في وفيات سنة (٣٠٣ هـ) من هذا الجزء.
(١٠) انظر ترجمة محمد بن نصر في وفيات سنة (٢٩٤ هـ) من هذا الكتاب.
(١١) تاريخ بغداد (٢/ ١٦٤ - ١٦٥).
(١٢) في سير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٧٠) وطبقات الشافعية للسبكي (٣/ ١٢٤): المكتفي.
(١٣) في (ط) الطبري.
(١٤) في (ط): وقرب منزلته عنده.
(١٥) في (ط): أن تسألني حاجة أو شيئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>