للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يمنعه سَمْع من سمع، ويا من لا تغلطه المسائل، ويا من لا يبرمه إلحاح الملحّين، ولا مسألة السائلين، ارزقني بَرْدَ عفوك، وحلاوة رحمتك. قال: فقلت: أعِد عليَّ ما قلت. فقال لي: أو سمعتَه؟ قلت: نعم. فقال لي: والذي نفس الخضر بيده -قال: وكان هو الخضر- لا يقولها عبدٌ خلفَ صلاة مكتوبة إلا غَفَر الله له ذنوبه. ولو كانت مثل زبد البحر، وورق الشجر، وعدد النجوم، لغفرها الله له. وهذا ضعيف من جهة عبد الله بن المحَرَّر فإنه متروك الحديث (١). ويزيد بن الأصم لم يدرك عليًا، ومثل هذا لا يصح. والله أعلم.

وقد رواه أبو إسماعيل الترمذي حدّثنا مالك بن إسماعيل، حدّثنا صالح بن أبي الأسود، عن محفوظ ابن عبد الله الحَضْرَمي، عن محمد بن يحيى قال: بينما علي بن أبي طالب يطوف بالكعبة إذا هو برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع، ويا من لا يغلطه السائلون، ويا من لا يتبرَّم بإلحاح الملحِّين، أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك قال: فقال له علي: يا عبد الله أعِد دعاءك هذا. قال: وقد سمعتَه؟ قال: نعم. قال: فادع به في دُبر كلِّ صلاة، فوالذي نفس الخضر بيده لو كان عليك من الذنوب عددُ نجوم السماء ومطرها، وحصباء الأرض وترابها، لغفر لك أسرع من طرفة عين (٢).

وهذا أيضًا منقطع وفي إسناده من لا يُعرف، والله أعلم.

وقد أورده ابن الجوزي من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا، حدّثنا يعقوب بن يوسف، حدّثنا مالك بن إسماعيل، فذكر نحوه، ثمّ قال: وهذا إسنادٌ مجهولٌ منقطعٌ، وليس فيه ما يدل على أن الرجل الخضر.

وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد، أخبرنا أبو إسحاق المُزَكِّي (٣)، حدّثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدّثنا محمد بن أحمد بن يزيد أملَّهُ (٤) علينا بعبَّادان، أخبرنا عمرو بن عاصم، حدّثنا الحسن بن رَزِيْن (٥)، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن ابن عباس قال -ولا أعلمه إلا مرفوعًا إلى النبي - قال: يلتقي الخضرُ وإلياس كلّ عام في الموسم، فيحلق كلُّ واحد منهما رأس صاحبه، ويَتَفَرَّقان عن هؤلاء الكلمات: بسمِ اللهِ، ما شاء الله،


(١) تقريب التهذيب، والضعفاء والمتروكين للبخاري (٦٧)، وللنسائي (٦٣)، والمجروحين لابن حبان (٢/ ٢٢ - ٢٤).
(٢) أورد ابن منظور هذه الرواية في مختصره لابن عساكر (٨/ ٦٦).
(٣) المزَكّي، بضم الميم وفتح الزاي، وكاف مشددة، يقال هذا لمن يزكي الشهود ويبحث عن حالهم ويعرفه القاضي. وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي شيخ نيسابور في عصره، وكان من العبَّاد المجتهدين. كثير الحج. رحل في طلب الحديث. وتوفي سنة (٣٦٢ هـ). اللباب (٣/ ٢٠٤).
(٤) في ب وط: أملاه، وهو أصوب.
(٥) في ط: "الحسن بن زريق" خطأ بَيّن، فإن الحسن بن زريق الطهوي يروي عن ابن عيينة، والحسن بن رزين هذا يروي عن ابن جريج، وقد ساق كل من العقيلي وابن عدي والذهبي في الميزان هذا الحديث في ترجمته كما سيأتي.