وَثَبْتُمْ على أطرافنا عندَ ذاكُمُ … وثُوبَ لُصوصٍ عندَ غَفْلةِ نائمِ
ألم تنتصر منكم على ضَعْفِ حالها … صِقِلِّيةٌ في بَحْرِها المُتَلاطِمِ
ألم تَنتَزِعْ منكم بأيْدٍ وقُوَّةٍ … جميعَ بلادِ الشَامِ ضَرْبةَ لازمِ
ومِصْرَ وأرض القَيْرَوانِ بأسرها … وأنْدَلُسّاَ قًسْرًا بضَرْبِ الجماجِمِ
أحلَّتْ بقسْطنطينة كل نكبةٍ … وسامتكم سوء العذاب الملازِمِ
مشاهدُ تَقْدِيساتِكُمْ وبيوتُها … لنا وبأيدينا على رَغْمِ راغِمِ
أما بيتُ لَحْمٍ والقُمامةُ بعدَها … بأيدي رجالِ المسلمينَ الأعاظمِ
وكُرْسيُّكم في أرضِ إسْكَنْدريَّةٍ … وكُرسيُّكُمْ في القُدْسِ في أورشالِمِ
ضمَمْناهُمُ قَسْرًا بِرَغْمِ أنوفكم … كما ضَمَّت السَّاقَيْن سُودُ الأداهِمِ
وكُرْسيُّ أنطاكيةٍ كان بُرْهةً … ودهرًا بأيدينا وبذل الملاغمِ
فليس سوى كرسيِّ رومةَ فيكُمُ … وكرسي قُسْطنطينةٍ في المقادمِ
ولا بُدَّ من عَوْدِ الجميعِ بأسْرِهِ … إلينا بعز قاهرٍ مُتعاظِمِ
أليسَ يَزيدٌ حَلَّ وَسْطَ ديارِكُمْ … على بابِ قُسْطنطينةٍ بالصَّوارمِ
ومَسْلمةٌ قد داسَها بعد ذاكُمُ … بجيشٍ لَهامٍ كاللُّيوث الضرَاغمِ
وأخْدَمكُمْ بالذُّلِّ مَسْجدنا الذي … بُني فيكُمُ في عَصْرِهِ المُتَقادِمِ
إلى جَنْبِ قَصْرِ المُلْك من دارِ مُلْككُمْ … ألا هذه حقًّا صَريْمةُ صارِمِ
وأدَّى لهارونَ الرَّشِيْدِ مَلِيْكُكُمْ … إتاوةَ مَغْلوبٍ وجِزْيَةَ غَارِمِ
سَلَبْناكُمُ مَسْرَى شُهُورٍ بقوَّةٍ … حَبَانا بها الرَّحمنُ أرْحمُ راحمِ
إلى سبت (١) يعقوبٍ وأريافِ دُومةٍ … إلى لُجَّةِ البَحْرِ البعيدِ المَحَارمِ
فَهَلْ سِرْتُمُ في أرضنا قطُ جُمْعةً … أبى اللّهُ ذاكُمْ يا بقايا الهَزَائِمِ
فما لكُمُ إِلَّا الأمانيُّ وحدَها … بضائعُ نَوْكى تلكَ أحلامُ نائمِ
رُويدًا يَعُدْ نحوَ الخلافةِ نورُها … يُسْفَرُ مُغَبرُّ الوجوهِ السَّواهمِ
وحينئذٍ تَدْرُونَ كيفَ فرارُكُمْ … ذا صَدَمَتْكُمْ خَيْلُ جَيْشٍ مُصادِمِ
على سَالِفِ العاداتِ منَّا ومنكُمُ … لياليَ أنتمْ في عِدادِ الغَنائمِ
سَبَيْتُمْ سبايا يَحصُرُ العَدُّ دونَها … وسَبْيُكُمُ فينا كقَطْرِ الغَمائِم
فلو رامَ خَلْقٌ عدَّها رامَ مُعْجزًا … وأنَى بتَعْدادٍ لريشِ الحمائمِ
بأبناءَ حمدانٍ وكافورَ صُلْتُمُ … أراذلَ أنجاسٍ قِصارِ المعاصمِ
(١) في (ط): بيت، وفي طبقات الشافعية للسبكي: أرض.