للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هود، ثمّ صالح، ثمّ شعيب، ثمّ موسى وهارون ابنا عمران، ثمّ إلياس بن تشبين بن العازر بن هارون بن عمران بن قاهث بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، هكذا قال (١). وفي هذا الترتب نظر.

وقال مكحول، عن كعب: أربعة أنبياء أحياء، اثنان في الأرض: إلياس والخضر، واثنان في السماء: إدريس وعيسى (٢).

وقد قدّمنا قول من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كلِّ عام في شهر رمضان في بيت المقدس، وأنّهما يحجّان كلّ سنة، ويشربان من زمزم شَربة تكفيهما إلى مثلها من العام المقبل. وأوردنا الحديث الذي فيه أنهما يجتمعان بعرفات كلّ سنة، وبيَّنا أنه لم يصح شيء من ذلك، وأن الذى يقوم عليه الدليل أن الخضر ماتَ، وكذلك إلياس . وما ذكره وهب بن منته وغيره أنه لما دعا ربه ﷿ أن يقبضه إليه لما كذبوه وآذوه، فجاءته دابة لونُها لون النار، فركبها وجعل الله له ريشًا وألبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، وصار ملكيًا بشريًا سماويًا أرضيًا، وأوصى إلى اليسع بن أخطوب (٣) ففي هذا نظر، وهو من الإسرائيليات التي لا تُصدّق ولا تكذب، بل الظاهر أن صحتها بعيدة. والله أعلم.

فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أيو عبد الله الحافظ، حدّثني أبو العباس أحمد بن سعيد المَعْداني (٤) ببخارى، حدّثنا عبد الله بن محمود، حدّثنا عبدان بن سنان، حدّثني أحمد بن عبد الله البَرْقي، حدّثنا يزيد بن يزيد البلوي، حدّثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول الله فى سفر، فنزلنا منزلًا، فإذا رجلٌ في الوادي يقول: اللهم اجعلني من أمّة محمد المرحومة المغفورة المتاب لها. قال: فأشرفت على الوادي فإذا رجلٌ طوله أكثر من ثلاثمئة ذراع، فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنس بن مالك خادم رسول الله . قال: فأين هو؟ قلت: هو ذا يسمع كلامَك. قال: فأته فأقرئه السلامَ، وقل له: أخوك إلياس يُقرئك السلامَ. قال: فأتيت النبي فأخبرته، فجاء حتى لقيه فعانقه وسلّم، ثمّ قعدا يتحادثان، فقال له: يا رسول الله إني ما آكل في سنة إلا يومًا وهدّا يوم فطري، فآكل أنا وأنت. قال: فنزلتْ عليهما مائدةٌ


(١) مختصر تاريخ دمشق (٥/ ٢٣). وانظر الطبقات لابن سعد (١/ ٤٠).
(٢) مختصر تاريخ دمشق (٥/ ٢٤).
(٣) تاريخ الطبري (١/ ٤٦٣). ومختصر تاريخ دمشق (٥/ ٢٥ - ٢٧).
(٤) المَعْداني، بفتح الميم وسكون العين: نسبة إلى مَعْدان وهو اسم لجد أبي العباس أحمد بن سعيد بن أحمد بن محمد ين معدان. ترجمه في اللباب (٣/ ٢٣٢). وفي دلائل النبوة: البغدادي، وهو تحريف، والحديث فيه (٥/ ٤٢١).