للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أمير الحج مدة سنين] (١)، واتهم بأنه يفشي الأسرار، وأن عِزَّ الدولة أودع عنده عقدًا ثمينًا، وأتي بكتاب أنه خطُّه في إفشاء الأسرار، فأنكر أنه خَطُّه، وكان مزورًا عليه، واعترف بالعقد، فأخذ منه، وعزل عن النَّقابة وولي غيره، وكان مظلومًا في ذلك.

وفي هذا الشهر أيضًا عَزَلَ عضدُ الدولة قاضي القضاة أبا محمد بن معروف، وولَّى غيره.

وفي شعبان ورد البريد من مصر إلى عضد الدولة بمراسلات كثيرة، فَرَدَّ الجواب بما مضمونه صدق النية وحُسْن الطَّوية.

ثم سأل عضد الدولة من الطَّائع أن يجدد عليه الخِلَع والجوهر، وأن يزيد في ألقابه تاج الدولة، فأجابه إلى ذلك كله، فخلع عليه من أنواع الملابس ما لم يتمكن من تقبيل الأرض من كثرتها (٢)، وفوَّض إليه ما وراء بابه من الأُمور ومصالح المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وحضر ذلك الرؤساء والأمراء وأعيان الناس، وكان يومًا مشهودًا هائلًا.

وأرسل في رمضان إلى الذُّعَّار من الأعراب من بني شيبان وغيرهم، فعقرهم وكسرهم وقهرهم، وكان أميرهم ضبَّة (٣) بن محمد الأسدي متحصِّنًا بعين التمر مدة نيف وثلاثين سنة، فأخذت ديارهم وأخذت أموالهم، وحالت أحوالهم.

وفي يوم الثلاثاء لتسعٍ (٤) بقين من ذي القعدة تزوَّج الخليفة الطائع للَّه بنت عضد الدولة الكبرى، وعقد العقد بحضرة الأعيان والرؤساء، وكان عقدًا هائلًا حافلًا على صَدَاق مبلغه مئة ألف دينار، ويقال مئتا ألف دينار، وكان وكيل عضد الدولة الشيخ أبا علي [الحسن بن أحمد] الفارسي النحوي، صاحب "الإيضاح" و"التكملة" (٥)، وكان الذي خطب خطبة العقد القاضي أبو علي المُحَسِّن (٦) بن علي التَّنوخي، وكان يومًا مشهودًا.

وفيها كان مقتل أبي تغلب بن ناصر الدولة بن حمدان بالشام قريبًا من نوى (٧) وأعمالها، وكانت معه


(١) ما بين حاصرتين من (ط).
(٢) في (ط): ما لم يتمكن معه من تقبيل الأرض بين يدي الخليفة.
(٣) في (ط) منية، وهو تحريف.
(٤) في (ط): لسبع، وهو تصحيف، انظر المنتظم (٧/ ١٠١).
(٥) سترد ترجمته في وفيات سنة (٣٩٧ هـ)، وما بين حاصرتين من (ب)، وفي (ط): الحسين، وهو تصحيف.
(٦) في (ح) و (ب) و (ط): الحسن، وهو تصحيف، والمثبت من المنتظم (٧/ ١٠١) وهو صاحب كتاب (الفرج بعد الشدة" و"نشوار المحاضرة" والمستجاد من فعلات الأجواد، وكلها كتب مشهورة متداولة، توفي سنة (٣٨٤ هـ)، انظر ترجمته في "وفيات الأعيان" (٤/ ١٥٩ - ١٦٢).
(٧) قتله كان في الرملة، انظر الكامل لابن الأثير (٨/ ٧٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>