للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العتيقي: كان رجلًا صالحًا مجتهدًا في العبادة، وصنَّف كتابًا سماه "قوت القلوب"، ذكر فيه أحاديث لا أصل لها، وكان يعظ النَّاس في الجامع ببغداد.

وحكى ابنُ الجوزي أن أصله من الجبل، وأنه نشأ بمكة، وأنه دخل البصرة بعد وفاة أبي الحسن بن سالم، فانتمى إلى مقالته، ودخل بغداد فاجتمع عليه النَّاس، وعقد له مجلسُ الوعظ، فغلط في كلامه، وحُفِظَ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أَضَرَّ من الخالق. فبدَّعه الناس وهجروه، وامتنع من الكلام على الناس (١).

وقد كان أبو طالب ممن يبيح السَّماع، فدخل عليه عبد الصَّمد بن علي، فعاتبه في ذلك، فأنشد أبو طالب:

فيا ليلُ كم فيكَ من مُتْعةٍ (٢) … ويا صُبْحُ لَيْتَكَ لم تَقْرُبِ

فخرج عبد الصمد مُغْضَبًا.

وقال أبو القاسم بن بشران: دخلت على شيخنا أبي طالب المكي وهو يموت، فقلتُ: أوص. فقال: إذا ختم لي بخيرِ، فانثر على جنازتي لَوْزًا وسُكَّرًا. فقلت: كيف أعلم ذلك؟ فقال: اجلس عندي ويدك في يدي، فإن قبضتُ على يدك فاعلم أنه قد خُتِمَ لي بخير. قال: فجلست عنده ويدي في يده، فلما حان فراقه، قبض على يدي قبضًا شديدًا، فلما رفع على جنازته نثرت اللوز والسُّكَّر على نعشه.

قال ابنُ الجوزي: توفي في جُمادى الآخرة من هذه السنة، وقبره ظاهر بالقرب من جامع الرّصافة.

العزيز بن المعز الفاطمي صاحب مِصْر (٣): نزار بن المعز مَعَد أبي تميم، ويكنى نزار هذا بأبي منصور، ويلقب بالعزيز، توفي عن ثنتين وأربعين سنة، منها ولايته بعد أبيه إحدى وعشرون سنة، وخمسة أشهر وعشرة أيام، وقام بالأمر من بعده ولده الحاكم -قبحه اللَّه- والحاكم هو الذي تنسب إليه الفرقة الضَّالَّة المضلة الزنادقة الحاكمية.

أما العزيز هذا فإنه كان قد استوزر رجلًا نَصْرانيًا يقال له عيسى بن نسطورس، وآخر يهوديًا اسمه ميشا، فَعَزَّ بسببهما أهل هاتين المِلَّتين في ذلك الزمان على المسلمين، حتى كتبت إليه امرأةٌ في فصة وقد


(١) المنتظم (٧/ ١٨٩).
(٢) في (ط): متعب، وهو تصحيف.
(٣) المنتظم (٧/ ١٩٠) الكامل (٨/ ٣٦٣) وما بعدها، البيان المغرب (١/ ٢٢٩) وما بعدها، وفيات الأعيان (٥/ ٣٧١ - ٣٧٦) سير أعلام النبلاء (١٥/ ١٦٧ - ١٧٣) العبر (٣/ ٣٤) خطط المقريزي (١/ ٣٥٤) النجوم الزاهرة (٤/ ١١٢، ١٢٥) تاريخ ابن إياس (١/ ٤٨ - ٥٠) شذرات الذهب (٣/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>