للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيال بن ضرار (١) بن لحوب بن أفيح بن أريش بن بنيامين (٢) بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.

قال عكرمة والسدي: كان سقَّاءً. وقال وهب بن منبه: كان دبَّاغًا. وقيل غير ذلك (٣)، فالله أعلم. ولهذا ﴿قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ﴾. وقد ذكروا أن النبوة كانت في سبط لاوي، وأن الملك كان في سبط يهوذا، فلما كان هذا من سبط بنيامين نفروا منه وطعنوا في إمارته عليهم، وقالوا: ﴿وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾ وذكروا أنه فقير لا سعة من المال معه، فكيف يكون مثل هذا ملكًا؟!.

﴿قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾. قيل: كان الله قد أوحى إلى شمويل أن أيّ بني إسرائيل كان طوله على طول هذه العصا، وإذا حضر عندك يفور هذا القرن الذي فيه من دهن القدس فهو ملكهم، فجعلوا يدخلون ويقيسون أنفسهم بتلك العصا، فلم يكن أحد منهم على طولها سوى طالوت، ولما حضر عند شمويل فار ذلك القرن فدهنه منه، وعيَّنه للملك (٤) عليهم، وقال لهم: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ﴾ قيل: في أمر الحروب، وقيل: بل مطلقًا ﴿وَالْجِسْمِ﴾ قيل: الطول. وقيل: الجمال. والظاهر من السياق أنه كان أجملهم، وأعلمهم بعد نبيهم ﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ﴾ فله الحكم وله الخلق والأمر ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ وهذا أيضًا من بركة ولاية هذا الرجل الصالح عليهم ويُمْنِهِ عليهم أن يردَّ اللهُ عليهم التابوتَ الذي كان سُلب منهم وقَهرهم الأعداءُ عليه، وقد كانوا يُنصرون على أعدائهم بسببه ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ قيل: طست من ذهب كان يُغْسَل فيه صدور الأنبياء. وقيل: السكينةُ (٥) مثل الريح الخَجُوج (٦). وقيل: صورتها مثل الهرة إذا صرخت في حال الحرب أيقن بنو إسرائيل بالنصر.

﴿وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْ﴾ قيل: كان فيه رُضَاض (٧) الألواح وشيء من المنِّ


(١) في بعض النسخ: أنيال بن صرار.
(٢) في ط: طالوت بن قيش بن أفيل بن صارو بن تحورت بن أفيح بن أنيس بن بنيامين … وفي تاريخ الطبري: (١/ ٤٧٥). شاول بن قيس … بن بحرت بن أفيح بن أيش …
(٣) تفسير الطبري (٢/ ٣٧٩ - ٣٨٠).
(٤) في ط: الملك.
(٥) قد ساق الطبري عددًا من الآراء في تأويل السكينة تفسيره (٢/ ٣٨٥). وما بعدها.
(٦) ريح خجوج: أي شديدة المرور في غير استواء. وخَجَّتِ الريح في هبوبها تَخُجّ خُجوجًا: التوت.
(٧) الرضّ: دقّك الشيءَ. ورُضَاضه: قِطَعُه وكسرُه.