للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (٢٣) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (٢٤) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٢٣ - ٢٥].

قد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف هاهنا قصصاً وأخباراً أكثرها إسرائيليات، ومنها ما هو مكذوبٌ لا محالة، تركنا إيرادها في كتابنا قصداً اكتفاءً واقتصاراً على مجرّد تلاوة القصّة من القرآن العظيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

وقد اختلف الأئمة في سجدة ﴿ص﴾ هل هي من عزائم السجود، أو إنما هي سجدة شكر ليست من عزائم السجود، على قولين.

قال البخاري (١): حدّثنا محمد بن عبد الله، حدّثنا محمد بن عبيد الطنافسي، عن العوَّام قال: سألت مجاهداً عن سجدة ﴿ص﴾ فقال: سألت ابنَ عباس: من أين سجدت؟ فقال (٢): أوما تقرأ ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ [الأنعام: ٨٤] ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠] فكان داود ممن أُمِر نبيُّكم أن يقتدي به، فسجدها داود فسجدها رسول الله .

وقد قال الإمام أحمد (٣): حدّثنا إسماعيل -هو ابن علية- عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال في السجود في ﴿ص﴾: ليست من عزائم السجود. وقد رأيت رسول الله يسجد فيها.

وكذا رواه البخاري (٤)، وأبو داود (٥)، والترمذي (٦)، والنسائي (٧)، من حديث أيوب. وقال الترمذي: " حسن صحيح ".

وقال النسائي (٨): أخبرني إبراهيم بن الحسن المِقْسَمي، حدثنا حجّاج بن محمد، عن عمر بن ذَرّ، عن أبيه، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أن النبي سجد في ﴿ص﴾ وقال: "سَجَدَها دَاودُ تَوْبَةً وَنَسْجُدُها شُكْراً" تفرد به، ورجاله ثقات.


(١) البخاري رقم (٤٨٠٧)، في تفسير سورة ﴿ص﴾.
(٢) في ط: "قال" وما هنا يعضده ما في البخاري.
(٣) في مسنده (١/ ٣٦٠).
(٤) صحيح البخاري رقم (١٠٦٩) في سجود القرآن، و (٣٤٢٢) في الأنبياء، باب ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾.
(٥) سنن أبي داود رقم (١٤٠٩) في الصلاة، باب السجود في ﴿ص﴾.
(٦) الترمذي رقم (٥٧٧) في الصلاة، باب ما جاء في السجدة في ﴿ص﴾.
(٧) في التفسير (١٩٠).
(٨) سنن النسائي (٢/ ١٥٩)، وهو في التفسير (٤٥٨).