للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن خلكان: وأخذ الفقه عن أبي الفتح ناصر (١) بن محمد العمري المروزي، ثمّ غلب عليه الحديث، واشتهر به، ورحل في طلبه.

محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفرّاء (٢) القاضي أبو يعلى، شيخ الحنابلة، ومُمهّد مذهبهم في الفروع.

ولد في محرم سنة ثمانين وثلاثمئة، وسمع الحديث الكثير، وحدّث عن ابن حَبَابة.

قال ابن الجوزي: وكان من سادات [العلماء] الثقات، وشهد عند ابن ماكولا وابن الدّامغاني فقبلاه، وتولّى النظر في الحكم بحريم دار الخلافة، وكان إمامًا في الفقه، له التصانيف الحسان الكثيرة في مذهب أحمد، ودرّس وأفتى سنين، وانتهى إليه المذهب، وانتشرت تصانيفه وأصحابه، وجمع الأمانة، والصدق، والعفّة، وحسن الخلق، والتعبّد، والتقشف، والخشوع، وحسن السّمت، والصّمت عمّا لا يعنيه، وكانت وفاته في العشرين من رمضان هذه السنة عن ثمان وسبعين سنة، واجتمع في جنازته القضاة والأعيان من الفقهاء والشهود، وكان يومًا حارًّا، فأفطر بعض من اتّبع جنازته ذلك اليوم، وترك من البنين عبيد اللَّه أبا القاسم، وأبا حازم، وأبا الحسين.

ورآه بعضهم في المنام، فقال له: ما فعل اللَّه بك؟ فقال: رحمني، وعزّني، ورفع منزلتي، وأكرمني. وجعل يعدّد ذلك بأصابعه فقال: أَبِالعلم؟ قال: بالصدق، رحمه اللَّه تعالى.

ابن سِيْدَه اللُّغوي (٣) هو أبو الحسن، علي بن إسماعيل المُرسي.

كان إمامًا حافظًا للّغة، وكان ضرير البصر، أخذ علم اللغة والعربيّة عن أبيه، وكان ضريرًا أيضًا، ثمّ اشتغل على أبي العلاء صاعد البغدادي، وله: "المحكم" في مجلدات عديدة، وله "شرح الحماسة" في ست مجلدات، وغير ذلك. وقرأ على الشيخ أبي عمر المالكي [الطَّلَمَنْكي] كتاب "الغريب المصنّف" لأبي عُبَيد سردًا من حفظه، والشيخ يقابل نسخته بما يقرأ، فسمع الناس قراءته من حفظه، وتعجّبوا لذلك، وكانت وفاته في ربيع الآخر من هذه السنة وله ستون سنة، وقيل: إنّه توفي في سنة ثمان وأربعين، والأوَّل أصحّ، واللَّه أعلم.


(١) في (ط): نصر.
(٢) تاريخ بغداد (٢/ ٢٥٦)، المنتظم (٨/ ٢٤٣)، طبقات الحنابلة (٢/ ١٩٣)، الكامل في التاريخ (١٠/ ٥٢)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٨٩)، الوافي بالوفيات (٣/ ٧)، شذرات الذهب (٣/ ٣٠٦).
(٣) جذوة المقتبس (٣١١)، الصلة لابن بشكوال (٢/ ٤١٧)، وفيات الأعيان (٣/ ٣٣٠)، المغرب في حلي المغرب (٢/ ٣٥٩)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ١٤٤)، نفح الطيب (٤/ ٢٧)، شذرات الذهب (٣/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>